إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه

          4210- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) البلخِيُّ، وسقط «ابنُ سعيد» لأبي ذرٍّ، قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بنِ محمد بنِ عبدِ الله بنِ عبدِ القاري _بغير همز_ (عَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمةَ بن دينارٍ الأعرج، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ) السَّاعديُّ(1) ( ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ) خيبر (عَلَى يَدَيْهِ) بالتثنية، و«الرَّاية»: قيل: بمعنى اللِّواء؛ وهو العلم الَّذي يُحملُ في الحربِ يُعرف به موضعُ صاحب الجيش، وقد يحملُه أميرُ الجيش. وفي حديثِ ابن عبَّاس المرويِّ عند التِّرمذيِّ: كانتْ رايةُ رسولِ الله صلعم سوداءَ ولواؤُه أبيض. ومثله عند الطَّبرانيِّ عن بُريدةَ، وزاد ابنُ عديٍّ عن أبي هُريرة: مكتوبٌ فيه: لا إله إلَّا الله محمَّد رسولُ الله؛ وهو ظاهرٌ في التَّغاير (يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ) زاد ابنُ إسحاق: «ليس بفرَّارٍ» وفي حديثِ بُريدة: «لا يرجع حتَّى يَفْتَحَ الله له» (قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ) بدال مهملة مضمومة وبعد الواو كاف، أي: باتوا(2) في اختلاطٍ واختلافٍ (لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ / غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، كُلُّهُمْ يَرْجُو) وحذف النون بغير جازمٍ ولا ناصبٍ لغة، ولأبي ذرٍّ ”يرجُون“ (أَنْ يُعْطَاهَا) وفي حديث بُريدة: «فما منَّا أحدٌ(3) له منزلةٌ عند رسولِ الله صلعم إلَّا وهوَ يرجو أن يكون ذلك الرَّجل، حتَّى تطاولتُ أنا» (فَقَالَ) ╕ : (أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟) أي: مَا لي لا أراهُ حاضرًا؟ وكأنَّه(4) استبعد غيبتَه عن حضرتهِ في مثلِ ذلك الموطنِ(5)، لا سيَّما وقد قال: «لأعطينَّ الرَّاية غدًا(6)...» إلى آخره، وقد حضرَ النَّاسُ كلُّهم طَمَعًا أن يكون كلٌّ منهم هو الَّذي يفوز بذلك الوعدِ (فَقِيلَ) ولأبي ذرٍّ ”فقالوا“: (هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ) بتقديم الضَّمير وبناء «يَشتكي» عليه؛ اعتذارًا عنه(7) على سبيل التَّأكيد. قاله الطِّيبي (قَالَ) ╕ : (فَأَرْسِلُوا) بكسر السين، أمرٌ(8) من الإرسال، وبفتحها، أي: قال سهلُ بنُ سعدٍ: فأرسَلوا، أي: الصَّحابة (إِلَيْهِ) أي: إلى عليٍّ؛ وهو بخيبر لم يقدرْ على مباشرةِ القتال لرَمَده (فَأُتِيَ بِهِ) ولمسلم من طريق إِيَاس بن سلمةَ(9) عن أبيهِ قال: فأرسلني إلى عليٍّ، قال: فجئت به أقودُه أرمد (فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صلعم فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ) بفتح الراء وكسرها (حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ) وعند الحاكم من حديث عليٍّ نفسه قال: فوضعَ رأسِي في حجرِه، ثمَّ بَزَق في أليةِ راحَتِهِ فدَلَك بها عيني، وعند الطَّبرانيِّ من حديثه أيضًا: «فما رَمِدتُ ولا صُدِعت مذ دفع إليَّ النَّبيُّ صلعم الرَّاية يوم خيبر» وعنده أيضًا قال: ودعا لي فقال: «اللَّهمَّ أذهبْ عنه الحَرَّ والقَرَّ» قال: فما اشتكيتهما حتَّى يومي هذا (فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا)‼ مسلمين؟! (فَقَالَ) ╕ (10): (انْفُذْ) بضم الفاء آخره ذال معجمة، أي: امضِ (عَلَى رِسْلِكَ) بكسر الراء؛ أي(11): هِينتِك (حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ) أي: بفنائهم (ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ) أي: في الإسلام، فإن لم يُطيعوا لك بذلك فقاتلهم (فَوَاللهِ لَأَنْ) بفتح اللام والهمزة، وفي «اليونينية» وغيرها: بكسرها وفتح الهمزة (يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) تملكُها وتقتنِيها، وكانت ممَّا يتفاخَرُ العربُ بها أو تتصدَّق بها(12)، و«حمْر» بسكون الميم في «اليونينية»(13)، وعند ابن إسحاقَ من حديث أبي رافعٍ أنه قال: «خرجنا مع عليٍّ حين بعثه رسول الله صلعم برايته، فضربه رجلٌ من يهودٍ فطرح ترسَهُ، فتناول عليٌّ بابًا كان عند الحصن فتترَّس به عن نفسهِ حتَّى فتحَ الله عليه، فلقد رأيتُني في سبعةٍ أنا ثامنُهم نجهد على أن(14) نقلبَ ذلك الباب فما نقلبُه».


[1] «الساعدي»: ليست في (د).
[2] «أي باتوا»: ليست في (س).
[3] في (ص): «رجل».
[4] في (م): «كان»، وفي (ص): «وكان».
[5] في (د): «الموضع».
[6] «غدًا»: ليست في (ص).
[7] في (ص): «منه»، وفي (م) و(د): «منهم».
[8] «أمر»: ليست في (د).
[9] في (د): «مسلمة».
[10] في (ص) زيادة: «له».
[11] في (ص): «أي على».
[12] «أو تتصدق بها»: ليست في (د).
[13] «في اليونينية»: ليست في (د).
[14] في (د): «نجتهد أن».