إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب مرض النبي ووفاته

          ░83▒ (باب) ذكر (مَرَضِ النَّبِيِّ صلعم وَ) وقتِ (وَفَاتِهِ، وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) يخاطبُ نبيَّه صلعم : ({إِنَّكَ مَيِّتٌ}) أي: ستموتُ ({وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}[الزمر:30]) أي: سيموتون(1) وبالتَّخفيف: مَن حلَّ به الموتُ.
          قال الخليلُ: أنشدَ أبو عمرو:
أيا سَائلِي(2) تفسيرَ مَيْتٍ ومَيِّتٍ                     فَدُونكَ قد فسَّـرتُ إن كنتَ تعقلُ(3)
فَمَنْ كان ذَا رُوحٍ فذلك ميِّتٌ                     ومَا المَيْتُ إلَّا مَنْ إِلى القَبْر يُحمَلُ
          وكانوا يتربَّصونَ برسولِ الله صلعم موته، فأخبرَ أنَّ الموتَ يعمُّهُم، فلا معنَى للتربُّصِ وشماتةِ البَاقي بالفَاني. وعن قتادة: نَعى إلى نبيِّهِ نفسه ونَعَى إليكُم أنفُسَكُم، أي: إنَّك وإيَّاهم في عدادِ الموتَى؛ فكأنَّ ما هو كائنٌ قد كانَ(4) ({ثُمَّ إِنَّكُمْ}) أي: إنَّكَ(5) وإيَّاهُم، فغلَّب ضمير المخاطبِ على ضميرِ الغائبِ ({يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}[الزمر:31]) فتحتجَّ أنت عليهم بأنَّك بلَّغْتَ فكذَّبُوا، واجتهدْتَ في الدَّعوةِ فلجُّوا في العِنادِ، ويعتذرونَ بما لا طائلَ تحتهُ. قالت الصَّحابةُ ♥ : ما خصومتُنا ونحنُ إخوانٌ؟! فلمَّا قتلَ عثمان، قالوا: هذهِ خصومتُنَا. وعن أبي العاليةَ: نزلَتْ في أهلِ القبلةِ، وذلك في الدِّماءِ والمظالِم الَّتي بينهُم، والوجهُ هو‼ الأوَّلُ، وسقطَ قوله «{ثُمَّ إِنَّكُمْ}...» إلى آخره لأبي ذرٍّ.


[1] «أي سيموتون»: ليست في (ص) و(د).
[2] في (د): «تساءلني».
[3] بهامش (ب): هكذا هنا، ويروى أيضًا: فدونَكَ قدْ فسرتُ ما عنه تَسألُ.
[4] في (ص): «لأن ما هو كائن فكأن قد كان».
[5] في (د): «إنكم».