الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: هل يخص شيئا من الأيام؟

          ░64▒ (باب: هل يخصُّ شيئًا مِنَ الأيَّام؟)
          قال ابن المنيِّر وغيره: لم يجزم بالحكم لأنَّ ظاهر الحديث إدامتُه صلعم العبادة، ومواظبته على وظائفها، ويعارضه ما صحَّ عن عائشة نفسها ممَّا يقتضي نفي المداومة، وهو ما أخرجه مسلم عنها: ((أنَّها سُئلت عن صيام رسول الله صلعم فقالت: كان يَصوم حتَّى نقول قد صَام، ويُفطر حتَّى نقول قد أَفطر)). وتقدَّم نحوه قريبًا في البخاريِّ مِنْ حديث ابن عبَّاس وغيره، فأبقى التَّرجمة على الاستفهام ليترجَّح(1) أحد الخبرين أو يتبيَّن الجمع بينهما، ويمكن الجمع بينهما بأنَّ قولها: ((كان عملُه دِيمةً)) معناه: أنَّ اختلاف حاله في الإكثار مِنَ الصَّوم ثمَّ مِنَ الفطر كان مستدامًا مستمرًّا، وبأنَّه صلعم كان يوظف على نفسه العبادة، فربَّما شغله عن بعضها شاغل فيقضيها على التَّوالي، فيشتبه الحال على مَنْ يرى ذلك، فقول عائشة: ((كان عمله ديمة)) منزَّل على التَّوظيف، وقولها: ((كان لا تَشَاء أنْ تَرَاه صَائِمًا إلَّا رَأيْتَه)) منزَّل على الحال الثَّاني، وقيل: معناه: أنَّه كان لا يقصد نفلًا ابتداءً في يوم بعينه فيصومه، بل إذا صام يومًا بعينه كالخميس مثلًا دوام(2) على صومه(3). انتهى مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((لترجح)).
[2] في (المطبوع): ((داوم)).
[3] فتح الباري:4/235 مختصرا