الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: متى يقضى قضاء رمضان؟

          ░40▒ (باب: متى يُقضى قضاء رمضان؟...) إلى آخره
          قال القَسْطَلَّانيُّ: أي: يؤدي(1)، والقضاء يجيء بمعنى الأداء، قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ(2)} [الجمعة:10]، أي: أُدِّيت. انتهى.
          وقال الحافظ: ومراد الاستفهام هل يتعيَّن قضاؤه متتابعًا أو يجوز متفرِّقًا؟ وهل يتعيَّن على الفور أو يجوز على التَّراخي؟ قال ابن المنيِّر: جعل المصنِّف التَّرجمة استفهامًا لتعارُضِ الأدلَّة لأنَّ ظاهر قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] يقتضي التَّفريق لصدق {أَيَّامٍ أُخَرَ} سواء كانت متتابعة أو متفرِّقة، والقياس يقتضي التَّتابع إلحاقًا لصفة القضاء بصفة الأداء، وظاهر صنيع عائشة يقتضي إيثار المبادرة إلى القضاء لولا ما منعُها مِنَ الشُّغل.
          قال الحافظ: ظاهر صنيع البخاريِّ يقتضي جواز التَّراخي والتَّفريق لِما أودعه في التَّرجمة مِنَ الآثار كعادته وهو قول الجمهور، ونقل ابن المنذر وغيره عن عليٍّ وعائشة وجوبَ التَّتابع، وهو قول بعض أهل الظَّاهر، انتهى مِنَ «الفتح».
          قوله: (وقال سعيد) وصله ابن أبي شيبة، والمراد بصوم العشرِ العشرُ الأوَّل مِنْ ذي الحجَّة لمَّا سئل عن صومه، والحال أنَّ على الَّذِي سأله قضاء مِنْ رمضان: (لا يصلح حتَّى يبدأ برمضان) أي: بقضاء صومه، وهذا لا يدلُّ على المنع، بل على الأولويَّة، انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وقال الحافظ: وظاهر قوله جواز التَّطوُّع بالصَّوم لمن عليه دين مِنْ رمضان لقوله: (لا يصلح)، فإنَّه ظاهر في الإرشاد إلى البداءة بالأهمِّ والآكد، وقد روى عبد الرَّزَّاق عن أبي هريرة أنَّ رجلًا قال له: إنَّ عليَّ أيامًا مِنْ رمضان أفأصوم العشر تطوُّعًا؟ قال: لا، ابدأ بحقِّ الله ثمَّ تطوَّع ما شئت، ورُوي عن عليٍّ أنَّه نهى عن قضاء رمضان في عشر ذي الحجَّة، وإسناده ضعيف(3). انتهى.
          قوله: (ويذكر عن أبي هريرة...) إلى آخره، وهو قول الجمهور، وإليه مال الطَّحاويُّ، والأوَّل _أي ما رُوي عن النَّخَعيِّ_ هو مذهب الحنفيَّة، وإليه جنح المصنِّف كما ترى.


[1] في (المطبوع): ((يؤدَّى)).
[2] قوله: ((الصلاة)) ليس في (المطبوع).
[3] فتح الباري:4/189 مختصرا