الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

          ░31▒ (باب: المُجَامع في رمضان هل يُطْعِم...) إلى آخره
          يعني: أم لا؟ ولا منافاة بين هذه التَّرجمة والَّتي قبلها لأنَّ الَّتِي قبلها آذنت بأنَّ الإعسار بالكفَّارة لا يُسقِطها عن الذِّمَّة لقوله فيها: ((إذا جامع ولم يكن له شيء فتُصُدِّق عليه فليُكَفِّر)) والثَّانية: تردَّدت هل المأذون له بالتَّصرُّف فيه نفس الكفَّارة أم لا؟ وعلى هذا يتنزَّل لفظ التَّرجمة. انتهى مِنَ «الفتح». / واختلف العلماء في المسألة الَّتِي ترجم المصنِّف لها، أعني صرف الكفَّارة إلى عياله الفقراء، وفي «شرح الإقناع»: ولا يجوز للفقير صرفُ كفَّارته إلى عياله، وأمَّا قوله صلعم في الخبر: ((أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)) ففي «الأمِّ» كما قال الرَّافعيُّ: يحتمل أنَّه لمَّا أخبره بفقره صرفه له صدقةً، وفي ذلك أجوبة أخر ذكرتها في «شرح المنهاج» وغيره. انتهى.
          وكتبَ الشَّيخ في «الكوكب»: قوله: ((فأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)) تفرَّقت الأقوال في تأويله، فقال بعضهم: عفا النَّبيُّ صلعم عنه فكان مِنْ خصوصيَّاته، وقال بعض أئمَّتنا: إنَّما أمره أن يؤتيه أهله وتسقط النَّفقة عنه، فكان الرَّجل يؤتي أهله كلَّ يوم صاعًا منه، واستدلَّ هؤلاء بجواز إيتاء الكفَّارة أهله كما قالوا في الزَّكاة، وقال الإمام الهمام: إنَّ معناه أنَّك لما لم تجد ما يفضل عن نفقة أهلك وليس عليك أداء كفَّارتك على الفور، فكان كفَّارتك على ذمَّتك تؤدِّيها متى قَدِرت عليها، واصرف هذه في نفقة أهلك. انتهى.
          وذكر اختلاف الأئمَّة وبقية توجيهات الحديث في «هامشه»، وفي «هامشي على البذل» عن «الأوجز»: حمله الأئمَّة الثَّلاثة على تأخير الكفَّارة أو الخصوصيَّة، وعن أحمد أنَّ الكفارة تسقط عن المعسر لهذا الحديث. انتهى.
          وبسط الكلام على معنى الحديث وفقهه في «البذل».
          وقال الحافظ: قد اعتنى به_ أي بحديث الباب_ بعض المتأخِّرين ممَّن أدركه شيوخنا فتكلَّم عليه في مجلدين جمع فيهما ألف فائدةٍ وفائدةً(1). انتهى.
          ثمَّ المصنِّف ترجم بلفظ: (هل) إشارة إلى الاختلاف في أنَّ إطعامه أهله كان لكفَّارة، أو بطريق تقديم الحاجة على الكفَّارة الواجبة في الذِّمَّة إذ لا يجب على الفور، أو لإسقاط الكفارة رأسًا كما قال بعضهم؟.


[1] فتح الباري:4/173