مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب القصر في المنام

          ░31▒ باب القصر في المنام
          فيه حديث أبي هريرة في رؤيته ◙ القصر من ذهب فمنعه من دخوله غيرة عمر.
          ثم ترجم باب الوضوء في المنام وساق فيه حديث جابر، وسلفا في مناقبه، وفي باب: صفة الجنة، وحديث أبي هريرة سلف في الغيرة من كتاب النكاح، وسلف الكلام عليه هناك.
          وهذه الرؤيا بشرى لعمر بقصر في الجنة، وهذه الرؤيا مما يخرج على حسب ما رئيت بغير رمز ولا غموض تفسير، والجارية كذلك، والوضوء إنما يؤخذ منه اسمه من الوضاءة؛ لأنه ليس في الجنة وضوء لصلاة ولا عبادة.
          وفيه دليل على الحكم لكل رجل بما يعلم من خلقه، ألا ترى أنه ◙ لم يدخل القصر حين ذكر غيرة عمر، وقد علم أنه لا يغار عليه؛ لأنه أبو المؤمنين، وكل ما نال بنو المؤمنين من خير الدنيا والآخرة فبسببه وعلى يديه، لكن أراد ◙ أن يأتي بما يعلم أنه يوافق عمر أدباً منه، وما ذكرته من قولي: لأنه أبو المؤمنين. تابعت فيه المهلب وأقره ابن بطال. واعترض بعض شيوخنا عليه بأن الله تعالى قال: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} [الأحزاب:40]، وقال ◙: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد)) ولم يقل: أبا لكم والد، ولم يأت ذلك في حديث صحيح ولا غيره بما يصلح للدلالة. هذا كلامه، ولا شك أنه والدنا وأعظم، ومعنى الآية: ليس أحد من رجالكم ولد صلبه؛ نفياً لما وقع من التبني، وتزويجه بزوجته، ونص الإمام الشافعي على أنه يجوز أن يقال: أبو المؤمنين؛ أي: في الحرمة وقال البغوي من أصحابنا: كان النبي صلعم أبا الرجال والنساء جميعاً. ونقل الواحدي عن بعض أصحابنا المنع. ويرده ما ذكرناه، وكذا قول الأستاذ أبي إسحاق: إنه لا يقال: أبونا، وإنما يقال: هو كأبينا عملاً بقوله: ((إنما أنا لكم كالوالد)) وهو مردود أيضاً.
          قال ابن سيرين: من رأى أنه يدخل الجنة فإنه يدخلها إن شاء الله؛ لأن ذلك بشارة لما قدم من خير أو يقدمه. وقال الكرماني: وأما بنيانها ورياضها فهي نعيمها، وأما نساؤها فهي أجور في أعمال البر على قدر جمالهن.
          قال: ومن رأى أنه يتوضأ في المنام فإنه وسيلة إلى سلطان، أو إلى عمل من الأعمال، فمن تم له في النوم تم له ما يؤمله في اليقظة، وإن تعذر عليه أو عجز الماء، أو توضأ بما لا يجوز الصلاة به لم يتم له ما يحاوله، والوضوء للخائف في اليقظة أمان له.