مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الخضر في المنام والروضة الخضراء

          ░19▒ باب الخضرة في المنام
          فيه حديث محمد بن سيرين قال: قال قيس بن عباد: كنت في حلقة الحديث.
          وترجم عليه بعد: باب التعليق بالعروة الوثقى، وقال فيه: قيل لي: ارقه.. الحديث.
          والروضة التي لا يعرف نبتها دالة على الإسلام؛ لنضارتها وحسن بهجتها، وقد تأولها بذلك الشارع، وقد تدل من الإسلام على كل مكان فاضل يطاع الله فيه، كقبر رسوله وحلق الذكر وجوامع الخير وقبور الصالحين؛ لقوله ◙: ((ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)). وقوله: ((ارتعوا في رياض الجنة)) يعني: حلق الذكر.
          وقد تدل الروضة على المصحف وعلى كتاب العلم؛ لقولهم: الكتب رياض الحكماء، / والعمود دال على كل ما يعتمد عليه كالقرآن والسنن والفقه في الدين، وعلى الفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والزوجة والمال، ومكان العمود وصفات المنام يستدل على تأويل الأمر وحقيقة التعبير، وكذلك العروة والإسلام والتوحيد، وهي العروة الوثقى. قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} [البقرة:256]، فأخبر الشارع أن ابن سلام يموت على الإيمان، ولما في هذه الرؤيا؛ من شواهد ذلك حكم له الصحابة بالجنة لحكم الشارع بموته على الإسلام. وقال الداودي: قالوا؛ لأنه كان بدريًّا.
          وفيه: القطع بأن كل من مات على الإسلام والتوحيد لله بالجنة، وإن نالت بعضهم عقوبات.
          وقول ابن سلام: (ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم) إنما قاله على سبيل التواضع، وكره أن يشار إليه بالأصابع فيدخله العجب، فيحبط عمله.
          عباد والد قيس بعين مهملة مضمومة. والحلقة بإسكان اللام، وفي لغة رديئة فتحها. والروضة: الدنيا، والعمود والمعراج: الذي يطلع منه العمل، والحبل: السبب الذي بينه وبين الله، والعروة: عروة الإسلام كما مر.
          قوله: (منصف، والمنصف: الوصيف).
          قال ابن التين: روينا منصف بفتح الميم، وفي بعض النسخ بكسرها. وكذا ضبطه الدمياطي، وكذا ابن فارس، قال الهروي: يقال نصف الرجل فأنا أنصفه نصافة إذا خدمته، والمنصف: الخادم، والمراد هنا بالوصيف: عون الله له.
          قيل: وفي عبد الله بن سلام نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف:10]. وهو من ولد يوسف ◙.