مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الرؤيا بالنهار

          ░12▒ باب رؤيا النهار
          وقال ابن عون: عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل.
          ثم ساق حديث أنس في قصة أم حرام وسلف، ومعنى هذين البابين: أنه لا يخص نوم النهار على نوم الليل، ولا نوم الليل على نوم النهار بشيء من صحة الرؤيا وكذبها، وأن الرؤيا متى ما أريت فحكمها واحد.
          تعليق الزبيدي أخرجه (م) عن حاجب بن الوليد، ومتابعة سفيان رواها أيضاً عن ابن أبي عمر عنه. وتعليق سليمان رواه أيضاً عن الدارمي عن محمد بن كثير عنه.
          قوله: (وكان معمر لا يسنده حتى كان بعد) أخرج (م) عن عبد الرزاق، عنه، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس وأبي هريرة. قال عبد الرزاق: كان معمر أحياناً يقول: ابن عباس، وأحياناً يقول: عن أبي هريرة: أن رجلاً أتى رسول الله صلعم.. الحديث.
          وتأويل المفاتيح في النوم: أسباب الفتح، والمعنى أتيت ما دلني على أنه سيفتح لي ولأمتي خزائن الأرض ما يرفع عنهم المسغبة والفقر، وما يدين لهم ملوك الأرض؛ لأن الخزائن أعني: خزائن الأرض بأيدي الملوك، وهو في معنى قوله: ((وزويت لي الأرض)).
          والمراد (مفاتيح الكلم): الفصاحة والإيجاز، والخزائن ما فتح الله على أمته من كنوز كسرى وقيصر وغيرهما، ومعنى: (تنتثلونها): تؤدى إليكم خراج الأرض في غنائمها. والبارحة: أقرب ليلة مضت، وهي من برح؛ أي: زال.
          وفيه دلالة على جواز إطلاق البارحة على الليلة الماضية، وإن كان قبل الزوال كذا قيل، وإنما يتم أن يكون ◙ قال ذلك قبله، نعم كان من عادته أن يقول بعد الصبح ((هل رأى منكم الليلة [أحد] رؤيا؟)) كما ستعلمه.
          وادعى ثعلب أنه لا يقال: البارحة إلا بعد الزوال، ويحمل على إرادة الحقيقة دون المجاز، ولا شك أن المبادرة إلى السؤال عن الرؤيا أول النهار مطلوبة؛ لأن الذهن مجتمع لم يتشعب بشغل المعاش، ولقرب عهد الرائي بالرؤيا.
          وأثر ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل، أخرجه أبو الحسن علي ابن أبي طالب في كتابه ((نور البستان وربيع الإنسان)) من حديث مسعدة عن ابن عون به، ثم قال: ولا فرق بين رؤيا النهار والليل، وحكمهما واحد في العبارة، وكذا رؤيا النساء كرؤيا الرجال.
          قوله: (آدم) كذا في الأصول والشروح، وذكره ابن التين بلفظ: آدم أسمر. ثم قال: كذا في ((المجمل))، و((الصحاح)).
          وقال الداودي: هو إلى السمرة أميل. وقال أبو عبد الملك: الآدم فوق الأسمر يعلوه سواد قليل.
          قوله: (ذا لمة) هو بكسر اللام: الشعر يجاوز شحمة الأذنين، فإذا بلغ المنكبين فهي جمة، والوفرة دون ذلك إذا بلغ شحمة الأذنين، وسميت لمة؛ لأنها ألمت بالمنكبين. وقال أبو عبد الملك: الجمة وقال الداودي: الوفرة.
          قوله: (قد رجلها) هو أن يبلها بالماء ثم يمشطها. وقيل: هو أن يدهن ويمشط، ويكون شعثه، وقيل: يغسلها. وسمي المسيح؛ إما لسياحته أو لغير ذلك أقوال سلفت.
          وكذلك الدجال لقب بالمسيح لسياحته أو لغير ذلك على أقوال سلفت أيضاً.
          وهو مخفف ومثقل وبالخاء المعجمة / وأنكرا. قال أبو الهيثم: المسيخ ضد المسيح يقال: مسحه الله؛ أي: خلقه خلقاً حسناً مباركاً، ومسخه: خلقه خلقاً مقلوباً قبيحاً.
          قوله: (جعد قطط) هو بفتح الطاء؛ أي: شديد الجعودة، يقال: قطط شعره. بالكسر، وهو أحد ما جاء على الأصل؛ لإظهار التعريف، ورجل قط الشعر وقطط الشعر بمعنى.
          قوله: (عنبة طافية) يقال: طفا الشيء على الماء: إذا علاه، فعين الدجال طافية على وجهه قد برزت كالعنبة.
          قال ابن بطال: من قرأ طائفة بالهمز. فمعناه: أن عينه مفقودة ذهب ضوؤها. فالمعنى: كأنها عنبة نضجت فذهب ماؤها، ومن قرأ بغيره فمعناه: أنها برزت، وخرج الباطن الأسود فيها؛ لأن كل شيء ظهر فقد طفا يطفو طفواً. ومنه طافي البحر، قاله الأخفش، ووزن عنبة فعلة، وهو بناء نادر للواحد، وإنما يعرف للجمع كقردة وفيلة، وهو بناء قليل للواحد، جاء منه: خبرة وطمرة.
          وسمي دجالاً إما لكذبه وتمويهه أو لكبريه.
          قوله: (فركبت البحر في زمن معاوية) ظاهره أنه زمن ولايته الكبرى؛ إذ لا يضاف زمن فلان إلا على هذا الوجه في الأغلب. وذكر عن ابن الكلبي: أن ركوبها كان في زمن تولى فيه معاوية الإمارة، قال ابن التين: قيل: وفي الحديث دليل على جواز إمارة معاوية.
          قال والدي ⌂:
          (باب التواطؤ) أي التوافق.
          قوله: (رأوا) أي: في المنام.
          فإن قلت: الأواخر جمع والسبع مفرد فلا مطابقة؟ قلت: اعتبر الآخرية بالنظر إلى كل جزء منها قيل: كان الأوفق للترجمة أن يذكر (خ) هاهنا حديث أرى رؤياكم قد تواطأت على العشر الأواخر.
          قوله: (ودخل معه) أي: مع يوسف ◙ السجن فتيان استدل به من قال الرؤيا الصادقة تكون للكافر أيضاً، فإذا قيل: له فما مزية المؤمن عليه؟ أجاب: بأن كل ما يبشر به الكافر فهو غرور من الشيطان فنقص لذلك حظه من رؤياه، وأما كونها جزءاً من النبوة فكلا؛ لأنها مقيدة بالإيمان ولهذا قال رؤيا المؤمن وقال تعالى: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} الآية [يوسف:48] (تحصنون)؛ أي: تحرسون.
          (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) أي: الأعناب، و(الدهن) أي: السمسم ونحوه.
          قوله: (وادكر بعد أمة) افتعل من ذكرت بالمعجمة تقلب وأدغم، و(الأمة) القرن من الناس وقرئ قراءة شاذة أمه بفتح الهمزة والميم الخفيفة وبالهاء أي: نسيان.
          قوله: (عبد الله) ابن محمد بن أسماء بن عبيد بالضم الضبعي سمع عمه جويرية بالجيم وهي وأسماء علمان مشتركان بين الذكور والإناث، و(أبو عبيد) مصغر ضد الحر اسمه: سعد الزهري ولبث يوسف فيه بضع سنين، و(الداعي) أي: إلى الخروج منه (لأجبته) في الحال ولخرجت ولم أتأخر ولم أقل {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} الآية [يوسف:50].
          فإن قلت: فيه تفضيل يوسف على نفسه صلعم؟ قلت: لا بل قاله تواضعاً أو بياناً للمصلحة إذ لعل في الخروج مصالح الإسراع بها أولى ومر في كتاب الأنبياء.
          قوله: (سيراني) فإن قلت: الجميع يرونه يوم القيامة رائيا وغيره؟ قلت: قيل المراد أهل عصره أي: من رآه في المنام وفقه الله للهجرة إليه والتشرف بلقائه ◙ أو يرى تصديق تلك الرؤيا في الدار الآخرة أو يراه فيها رؤية خاصة في القرب منه والشفاعة.
          و(لا يتمثل) أي: لا يحصل له مثال صورتي ولا يتشبه بي قالوا كما منع الله الشيطان أن يتصور بصورته في اليقظة كذلك منعه في المنام لئلا يشتبه الحق بالباطل.
          قوله: [(معلى)] بلفظ مفعول التعلية بالمهملة ابن أسد، و(عبد العزيز بن المختار) ضد المكره الأنصاري، و(ثابت البناني) بضم الموحدة وخفة النون الأولى، والرجال كلهم بصريون.
          قوله: (فقد رآني) فإن قلت: الشرط والجزاء متحدان فما معناه؟ قلت: هو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره بأنه رؤية حقة ليست أضغاث أحلام ولا تخييلات الشيطان ورؤيته سبب الإخبار.
          فإن قلت: كيف يكون ذلك وهو في المدينة والرائي في المشرق والمغرب؟ قلت: الرؤية أمر يخلقها الله تعالى ولا يشترط فيها عقلاً مواجهة ولا مقابلة ولا مقارنة ولا خروج شعاع ولا غيره، ولهذا جاز أن يرى أعمى الصين بقة أندلس.
          فإن قلت: كثيراً يُرى على خلاف صفته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والجسم الواحد لا يكون إلا في مكان واحد؟ قلت: قال النووي: حاكياً عن بعضهم ذلك ظن الرائي / أنه رآه كذلك وقد يظن الظان بعض الخيالات مربياً لكونه مرتبطا بما يراه عادة فذاته الشريفة هي مرثية قطعاً لا خيال ولا ظن فيه لكن هذه الأمور العارضة قد تكون متخيلة للرائي ومر تحقيقات أخر في كتاب العلم.
          و(رؤيا المؤمن) أي: الرؤيا الصالحة من المؤمن الصالح والموجب للتقييد الأحاديث السالفة آنفاً.
          هذا ومن جملة استظهاراتي في الآخرة أني رأيت رسول الله صلعم في الرؤيا سنة أربع وخمسين وسبعمائة ببلدة أصفهان، فقلت يا رسول الله من رآني في المنام فقد رآني حديث صحيح فقال صحيح ونعم الاستظهار.
          قوله: (عبيد الله) ابن أبي جعفر الأموي المصري وكان تقية في زمانه، و(أبو قتادة) بالقاف والفوقانية الحارث الأنصاري، و(فلينفث) بالضم والكسر، و(لا تضره) لأن الله تعالى جعل ذلك سبباً لسلامته من ذلك المكروه كما جعل الصدقة وقاية للمال مر آنفاً، و(لا يتزايا) أي: لا يتصدى لأن يصير مريباً بصورتي.
          قوله: (خالد ابن خلي) بفتح المعجمة وكسر اللام الخفيفة وشدة التحتانية قاضي حمص، و(محمد بن حرب) ضد الصلح والأبرش بالموحدة والراء والمعجمة الحمصي، و(الزبيدي) مصغر الزبد بالزاي والموحدة والمهملة محمد بن الوليد الشامي.
          قوله: (رأى الحق) أي: الرؤية الصحيحة الثابتة لا أضغاث أحلام ولا خيالات باطلة، و(ابن أخي الزهري) هو محمد بن عبد الله، و(ابن الهاد) هو يزيد بالزاي، و(ابن خباب) بفتح المعجمة وشدة الموحدة الأولى، و(لا يتكونني) أي: لا يتكلف كوناً مثل كوني أو لا يتخذ كوني أي: لا يتشكل بشكلي.
          فإن قلت: التكونُ لازم فما وجهه؟ قلت: لزومه غير لازم أو معناه لا يتكون كوني فحذف المضاف وأوصل المضاف إليه بالفعل.
          قوله: (سمرة) بفتح المهملة وضم الميم ابن جندب الفزاري بالفاء والزاي الصحابي وحديثه سيأتي في آخر كتاب التعبير، و(أحمد ابن المقدام العجلي) بكسر المهملة وإسكان الجيم، و(محمد بن عبد الرحمن الطفاوي) بضم المهملة وتخفيف الفاء وبالواو، و(محمد) هو ابن سيرين والكل بصريون إلا أبا هريرة.
          قوله: (مفاتيح الكلم) أي: لفظ قليل يفيد معاني كثيرة وهذا غاية البلاغة وشبه ذلك القليل بمفتاح الخزائن الذي هو آلة للوصول إلى مخزونات متكاثرة وفي رواية أخرى ستأتي قريباً بعثت بجوامع الكلم وقال (خ): بلغني أن جوامع الكلم هو أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد وفي الأمرين ونحو ذلك.
          قوله: (بالرعب) بضم العين وبسكونها الفزع؛ أي: ينهزمون من عسكر الإسلام بمجرد الصيت ويخافون منهم أو ينقادون بدون إيجاف خيل وركاب، و(البارحة) اسم لليلة الماضية وإن كان قبل الزوال، و(وضعت في يدي) إما حقيقة وإما مجاز باعتبار، و(ينتثلونها) بالمثلثة، يستخرجونها وذلك كاستخراجهم خزائن كسرى ودفائن قيصر، وفي بعضها تنتفلونها بالفاء أي: تغتنمونها.
          قوله: (آدم) جمع الأدمة، و(اللمة) بالكسر الشعر المجاوز شحمة الإذن، و(رجلها) بالجيم سرحها بالمشط.
          فإن قلت: (العواتق) جمع فكيف أضاف إلى المثنى؟ قلت: ما هو إلا نحو فقد صغت قلوبكما وجاز مثله إذ لا التباس.
          قوله: (جعد) أي: غير سبط أو قصير، و(القطط) المبالغ في الجعودة، و(طافية) هي ضد الراسبة.
          فإن قلت: الدجال لا يدخل مكة والسياق يدل على أنه عند الكعبة ومر في كتاب الأنبياء في باب واذكر في الكتاب مريم أنه كان يطوف أيضاً؟ قلت: هو لا يدخل وقت خروجه وإظهار شوكته وسبق التحقيق ثمة.
          قوله: (رأيت) وفي بعضها أريت وساق الحديث / وهو أني رأيت ظلة تنطف السمن والعسل فأرى الناس يتكففون منها إلى آخره وسيأتي بعد ورقة أو أكثر إن شاء الله تعالى.
          و(سليمان بن كثير) بالمثلثة البصري، و(سفيان) ابن حسين الواسطي، و(الزبيدي) بالضم محمد والفرق بين هذه الطرق أن الأول هو عن ابن عباس والثالث عن أبي هريرة والثاني عن أحدهما على الشك وفي بعضها: وأبا هريرة بالواو فعنهما جميعاً والثالث فيه نوع انقطاع، و(معمر) بفتح الميمين أيضاً من أصحاب الزهري كان لا يسند الحديث أولاً ثم بعد ذلك أسنده كأنه تذكر أو غير ذلك وقيل تارة كان يسنده إلى ابن عباس وأخرى إلى أبي هريرة.
          قوله: (ابن عون) بالنون عبد الله، و(ابن سيرين) محمد، و(أم حرام) ضد الحلال بنت ملحان بكسر الميم وإسكان اللام وبالمهملة والنون، خالة أنس بن مالك وقيل بفتح الميم، و(عبادة) بضم المهملة وخفة الموحدة.
          فإن قلت: كيف جاز له صلعم دخوله عليها؟ قلت: كانت خالته من الرضاع.
          و(تفلي) نحو ترمي أي: تفتش عن القمل، و(الثبج) بفتح المثلثة والموحدة وبالجيم الوسط.
          وفيه معجزة لرسول الله صلعم مر في الجهاد في باب غزوة المرأة في البحر.
          الزركشي:
          (باب التواطؤ على الرؤيا).
          قال الإسماعيلي: هذا الحديث الذي ذكره خلاف التواطؤ، وإنما حديثه: ((أرى رؤياكم قد تواطأت على العشر الأواخر)).
          (فإذا حلَم أحدكم) بفتح اللام.
          (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) هذا تصرف شرعي بتخصيص الرؤيا بما يراه من الخير والحلم بالشر وإن كانا في أصل اللغة لما يراه النائم.
          (رؤيا) بغير تنوين كحبلى مصدر رأى، وجمعها: رؤيا منوناً.
          (لو لبثت في السجن) إلى آخره هذا من تواضعه صلعم ووصفه بالصبر وأنه لم يخرج من السجن حين دعي.
          (اليقظة) بفتح القاف.
          (لا يتزايا) بالزاي، ويروى: ((يتراءى)) بالراء.
          (ثنا خالد بن خلي) بفتح الخاء المعجمة بوزن علي.
          (النفث) شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل؛ لأن التفل يكون معه ريق، لكن سيأتي رواية: ((فليبصق))، ورواية: ((فليتفل))، وبينهما تقارب، فينبغي فعل الجميع؛ لأنه دحو للشيطان فهو من باب رمي الجمار.
          (لا يتكونني) أي: لا يتشبه بي ويتصور بصورتي، وحقيقته يصير كله ينافي صورتي.
          (وأنتم تنقلونها) بالقاف من النقل؛ أي: ينقل من مكان إلى مكان، وروي بالفاء من النفل، وهو الغنيمة، وروي بالمثلثة، يقال: نثل ما في كنانته إذا صبها ونثرها، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (فسيراني) أي: في اليقظة، قيل: هذا محمول على أهل عصره ومعناه: أنه إذا رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله تعالى للهجرة ولرؤيته ◙ في اليقظة عناناً وقيل: معناه أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الآخرة ودية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته.
          قوله: (لا يتمثل بي) قال ابن سيرين: يعني إذا رآه على صورته؟ قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون المراد ما إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته فإن رآه على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة.
          وقال النووي: بل رؤيا حقيقة مطلقاً قال بعض العلماء: خص ◙ بأن رؤيته في المنام صحيحة ومنع الشيطان أن يتصور في صورته لئلا يكذب على لسانه في النوم وقال القضاعي: هذا خاص بنبينا صلعم.
          والذي ينبغي أن يكون هذا عامًّا في جميع الأنبياء ولكن لم يرد في ذلك نقل.
          وروى الطبراني في ((معجمه)) بإسناده إلى أبي سعيد الخدري أنه ◙ قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ولا بالكعبة.
          قوله: (فلينفث عن شماله ثلاثاً) قيل: معنى ذلك هو أن الله تعالى: جعل هذا سبباً لسلامته من مكروه يترتب عليها كما جعل الصدقة سبباً لدفع البلاء، قال القاضي عياض: إنما أمره بالنفث ثلاثاً طرداً للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة وتحضيرًا له واستقذاراً / وخصت به اليسار؛ لأنها محل الأقذار والمكروهات واليمين بضدها قالوا: وينبغي أن يجمع الرائي لما يكره بينما جاء في هذا الباب، وهو أن ينفث عن شماله ثلاثاً قائلاً أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شرها وليتحول إلى جنبه الآخر وليصلي ركعتين فيكون عمل قد يجمع الروايات فإن اقتصر على بعضها أجزأه بإذن الله تعالى.
          قوله: (لا يتكونني) أي: لا يتشبه بي ويتصور بصورتي وحقيقته يصير كائناً في صورتي.
          قوله: (أعطيت مفاتيح الكلم) هو الوصول إلى غوامض المعاني وتدافع الحكم ومحاسن العبارات والألفاظ التي أعلقت على غيره وتعذرت.
          قوله: (لمته هي شعر الرأس) إذا ألم بالمنكبين.
          قوله: (تفلي رأسه) قال في ((الشفاء)): أن القمل لم يكن يؤذي رسول الله صلعم تعظيماً وتكريماً له.