مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المبشرات

          ░5▒ باب المبشرات
          فيه حديث أبي هريرة: سمعت رسول الله صلعم يقول: ((لم يبق من النبوة إلا المبشرات)) الحديث.
          أسلفنا في الباب قبله أن ابن عباس رواه أيضاً.
          والمراد بقوله: ((إلا المبشرات)) يعني بعده، وكذا روي مفسراً: ((ليس يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات))، يريد: أن الوحي ينقطع بموته فلا يبقى ما يعلم أنه سيكون غير الرؤيا الصالحة، قيل: ومنه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى:51].
          قال المهلب: وحديث الباب خرج لفظه على العموم، ومعناه على الخصوص، وذلك أن المبشرات هي الرؤيا الصادقة من الله التي بشر رائيها، وقد تكون صادقة منذرة من قبل الله لا تسر رائيها يريه الله للمؤمن رفقاً به ورحمةً له؛ ليستعد لنزول النبلاء قبل بلوغه، فقوله: ((لم يبق بعدي من المبشرات)) خرج على الأغلب من حال الرؤيا.
          فإن قلت: قد يرى الرؤيا الحسنة أحياناً ولا يجد لها حقيقة في اليقظة.
          فالجواب: أن الرؤيا مختلفة الأسباب، فمنها من وسوسة وتحزين للمسلم، ومنها من حديث النفس في اليقظة فيراه في نومه، ومنها ما هو وحي من الله، فما كان من حديث النفس ووسوسة الشيطان فإنه الذي يكذب، وما كان من قبل الله فإنه لا يكذب، وبنحو هذا ورد الخبر عن رسول الله.
          وسلف حديث أبي هريرة في تقسيم الرؤيا أنها ثلاث: بشرى، وحديث النفس، وتحزين من الشيطان.