مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ثياب الحرير في المنام

          ░21▒ ثم ساقه أطول منه، وقد سلف في النكاح.
          وهذه الرؤيا يحتمل أن تكون قبل النبوة(1) في وقت يجوز عليه رؤيا سائر البشر، فلما أوحى إليه خـ[ـلـ]ص رؤياه من الأضغاث، وحرسه في النوم كما حرسه في اليقظة، وجعل رؤياه وحياً. قاله ابن بطال أولاً. ثم قال: ويحتمل أن تكون بعده، وبعد العلم بأن رؤياه وحي، فعبر عما علم بلفظ يوهم الشك ظاهره ومعناه اليقين، وهذا موجود في لغة العرب، أن يكون اللفظ يخالف معناه كما قال ذو الرمة:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل                     وبين النقا أأنت أم [أم] سالم
          ولم يشك أن الظبية ليست بأم سالم، وكما قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا                     وأندى العالمين بطون راح
          فعبر عما هو قاطع عليه وعالم به بلفظ ظاهره الشك والمسألة عما لا يقطع عليه، فكذلك قوله: ((إن كان هذا من عند الله يمضه)) وقد علم أنه كان من عنده لا محالة.
          ورؤية المرأة في المنام تحتمل وجوهاً، منها: أن يدل على امرأة تكون له في اليقظة تشبه التي رأى في المنام، كما كانت رؤية الشارع هذه، وقد تدل على الدنيا والمنزلة فيها، والسعة في الرزق، وهو أصل عند المعبرين في ذلك، وقد تدل المرأة أيضاً على فتنة بما يقترن إليها من دلائل ذلك.
          وثياب الحرير يدل اتخاذها للنساء في الرؤيا على النكاح، وعلى الأزواج، وعلى العز والغنى وعلى الشحم، ولبس الذهب واللباس دال على جسم لابسه؛ لأنه محله، ومشتمل عليه، ودافع عنه فهو معبر عنه؛ لا سيما أن اللباس في غالب الناس دال على أقدارهم وأحوالهم ومذاهبهم وأجناسهم، فيعرف كل جنس بلبسه وزيه من العرب والعجم والأغنياء والفقراء، ولا خير في ثياب الحرير للرجال، وهي صالحة في الجاه والسلطان وسعة المال.
          قوله: (في سرقة) السرقة شقة الحرير.
          قوله: (من حرير) على معنى التأكيد؛ كقوله: {أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} [الكهف:31] وإن كان السوار لا يكون إلا من ذهب فإن كان من فضة فقلب، أو قرون أو عاج فمسكة.
          تزوج عائشة بنت ستة أو سبع، وأدخلت عليه بنت تسع بعد مقدمه بثمانية أشهر، كذا ذكره الشيخ أبو محمد في ((جامع مختصره)). وقال الداودي: / في سنة اثنتين، ومكثت عنده تسعاً، وعاشت بعده ثمانية وأربعين سنة، فإنها ماتت في رمضان سنة ثمان وخمسين.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: مولد عائشة بعد النبوة بخمس سنين لأن النبي مات وعمرها ثمانية عشر سنة ومدة النبوة ثلاثة وعشرون سنة فبعيد أن يأتي الملك بصورة عائشة قبل أن تخلق وتصور بخمس سنين، ويؤيده قوله ◙ فأكشف عنها فإذا هي أنت فلو لم تكن صورتها معروفة عنده في اليقظة لما قال فإذا هي أنت فتأمله، والظاهر أنه بعد النبوة ومعنى قوله إن يكن من عند الله أي: إن تكن الرؤيا غير مأولة أو في الدنيا)).