مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر

          ░56▒ باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر
          وفيه: عن أبي هريرة، عن النبي صلعم هذه الزيادة حذفها ابن بطال في ((شرحه))، ووصل بالباب الآتي بعده ثم قال: لم يذكر (خ) حديثاً في الطاعم الشاكر.
          وذكر ابن المنذر قال: في حديث سنان بن منبه أنه ◙ قال: ((الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر)) كذا قال سنان بن منبه وصوابه ابن سنة كما سيأتي.
          وهذا من عظم تفضل الله على عباده، أن جعل للطاعم إذا شكر الله على طعامه وشرابه ثواب الصائم الصابر.
          قال: ومعنى الحديث والله أعلم: التنبيه على لزوم الشكر لله تعالى على جميع نعمه، صغيرها وكبيرها، فكما ألحق الطاعم الشاكر بالصائم الصابر في الثواب، دل على أنه تعالى كذلك يفعل في شكر سائر النعم؛ لأنها كلها من عنده لا صنع في شيء منها للمخلوقين، فهو المبتدئ بها والملهم للشكر عليها والمثيب على ذلك، فينبغي للمؤمن لزوم الشكر لربه تعالى في جميع حركاته وسكناته.
          وروى معمر عن قتادة والحسن قالا: عرضت على آدم ذريته فرأى فضل بعضهم على بعض، فقال: أي رب هلا سويت بينهم، فقال: إني أحب أن أشكر.
          فإن قلت: هل يسمى الحامد لله تعالى على نعمه شاكراً؟ قيل: نعم. روى معمر، عن قتادة، عن ابن عمر، عن النبي صلعم قال: ((الحمد رأس الشكر، قال ما شكر الله عبد لا [يـ]ـحمده)). وقال الحسن: ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أعظم منها، كائنة ما كانت.
          وقال النخعي: شكر الطعام أن تسمي إذا أكلت وتحمد إذا فرغت.
          وفي ((علل ابن أبي حاتم)) عن علي: شكر الطعام أن تقولوا الحمد لله.
          قال أهل اللغة: رجل طاعم: حسن الحال في المطعم، ومطعام: كثير القرى، ومطعم: كثير الأكل، ومطعَم: مرزوق. نقله كله ابن التين عنهم.
          والحديث سوى بين درجتي الطاعة من الغني والفقير في الأجر، وقد نبه عليه ابن العربي. قال ابن حبان في ((صحيحه)): معناه أن يطعم ثم لا يعصي ربه بقوته ويتم شكره بإتيان طاعته بجواره؛ لأن الصائم قرن به الصبر، وهو صبر عن المحظورات، وقرن بالطاعم بالشكر، فيجب أن يكون هذا الشكر الذي يقوم بإزاء ذلك الصبر يقارنه أو يشاكله، وهو ترك المحضورات.