مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الحلواء والعسل

          ░32▒ باب الحلواء والعسل
          كذا ذكره (خ) بالمد، أعني: الحلواء، قال ابن ولاد: الحلوى عند الأصمعي مقصور تكتب بالياء، وفي قول الفراء: ممدود وكل ممدود يكتب بالألف. وقيل: يمد ويقصر، وقال الليث: هو ممدود عند أكثرهم، وهو كل حلو يؤكل.
          وقال الخطابي: اسم الحلواء لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة، وقال ابن سيده في ((المخصص)): هو كل ما عولج من الطعام بحلاوة. وهو أيضاً الفاكهة.
          وترجم على حديث عائشة الآتي في (خ) باب: شرب الحلواء والعسل.
          قال الداودي: يحتمل أن يريد النقيع الحلو، ويحتمل أن يريد التمر ونحوه من الثمار. قلت: التمر كيف يشرب؟ إلا قول من قال: شراب ألبان وتمر وأقط، ذكره مع اللبن للمجامرة.
          وذكر (خ) في الباب حديث عائشة: كان رسول الله يحب الحلواء والعسل.
          ذكره في الأشربة والطب وترك الحيل.
          وأخرجه (م) والأربعة، وحديث أبي هريرة في ذكر جعفر، سلف في ترجمته.
          وشيخه هنا عبد الرحمن بن أبي شيبة، وهو عبد الرحمن بن عبد الملك بن محمد بن شيبة، أبو بكر القرشي الحزامي، مولاهم المدني.
          قال ابن المنير: ومناسبة حديث أبي هريرة لما بوب له أن الحلواء المذكورة ليست المعهودة الآن على وجه الإسراف واجتماع المفردات الكثيرة وإنما هو الشيء الحلو ولو نبيذ التمر، ولما كانت العكة المذكورة فيه تكون فيها غالباً العسل وربما جاء مصرحاً به في بعض الروايات فناسب التبويب، ولم يكن حب الشارع للحلواء على كثرة التشهي بها، وتأنق الصنعة في اتخاذها فعل أهل النهم، وإنما كان ينال منها إذا قدمت إليه نيلاً صالحاً من غير تعذر، فيعلم بذلك أنها تعجبه طعمها وحلاوتها.
          وفيه: دليل على اتخاذ الأطعمة من ألوان شتى، وكان بعض أهل الورع يكره ذلك ولا يرخص أن يأكل من الحلواء إلا ما كان حلواً بطبعه من غير أن يخلط بلت أو دسم كالعسل والتمر.
          ومن الأحاديث الواهية: حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إذا قرب إلى أحدكم الحلواء فليأكل منها ولا يردها)) / .
          قال أبو زرعة: حديث منكر.
          ولا شك أن الحلواء والعسل من جملة الطيبات المباحة قال تعالى: {لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ} [المائدة:87] وقال: {وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:32] على قول من ذهب [إلى] أن الطيبات: المستلذ من الطعام.
          ودل حديث عائشة على صحة هذا التأويل لمحبة الشارع الحلواء والعسل، وأن ذلك من طعام الصالحين الأبرار؛ اقتداء بحبه ◙ لهما.
          قوله في العكة: (فنشقها فنلعق ما فيها). قال ابن التين لأبي الحسين: بالمعجمة والفاء. وروي بالقاف، والأول أبين والثاني أظهر؛ لأن الاشتفاف إنما هو شرب ما في الإناء ولا يبقي شيئاً، وهذه قد ذكر أنها لا شيء فيها، وإنما هم شقوها ولعقوا ما فيها.
          وقال ابن قرقول: نشتفها كذا لهم، أي: نتقصى ما فيها من بقيته كما جاء فنلعق ما فيها. ورواه المروزي والبلخي بالقاف، وهو أوجه.
          وفي حديث أبي هريرة: من الفقه الاقتصاد في المعيشة، والأخذ منها بالبلغة الباعثة على الزهد في الدنيا.
          وفيه: فضل جعفر بن أبي طالب، ووصفه بالكرم.
          وفيه: جواز الإحسان بالشيء التافه؛ لأن ذلك لا يخلو أن يكون فيه مثاقيل در كثيرة.