مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب التسمية على الطعام والأكل باليمين

          ░2▒ باب التسمية على الطعام والأكل باليمين
          فيه حديث عمر بن أبي سلمة: ((كنت غلاماً في حجر رسول الله...)) الحديث أخرجه بعد بلفظ: ((فجعلت آكل من نواحي الصحفة))، وأخرجه (م) والأربعة.
          وحديث حذيفة في (م) يبين له أن الشيطان ليستعجل أن لا يذكر اسم الله عليه، وللترمذي مصححاً عن عائشة مرفوعاً: ((إذا أكل أحدكم فليقل: بسم الله، فإن نسي في الأول فليقل في الآخر: بسم [الله] في أوله وآخره))، ولمسلم عن جابر مرفوعاً: ((إذا دخل الرجل منزله فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء...)) الحديث.
          وعن ابن عمر: ((إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه))، وفي حديث أبي هريرة: ((وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه)).
          وعن عائشة: كان ◙ يأكل طعاماً في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال: ((أما إنه لو سمى لكفاكم))، ولأبي بكر بن أبي عاصم في كتاب الأطعمة من حديث أبي سعيد الخدري: أتي النبي صلعم بشاة مسمومة فقال لأصحابه: ((اذكروا اسم الله وكلوا)) قالوا: فأكلنا فلم تضر أحداً منا(1).
          ومن حديث جابر: نهانا رسول الله أن يأكل أحدنا بشماله. ومن حديث / حفصة وسلمة بن الأكوع نحوه، ومن حديث سلمى مولاة رسول الله أنه ◙ قال لرجل يأكل: ((ضع ما في يدك ثم سم الله وكل من أدناها تشبع)).
          والحاصل مما سلف مسألتان: التسمية على الطعام: وهو سنة مؤكدة في الابتداء بالإجماع، ويستحب الجهر بها للتنبيه، ويستحب ختمه بالحمد جهراً، ويعقبه بالصلاة على نبيه، فإن ترك التسمية عامداً أو ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو عاجزاً لعارض ثم تمكن في أثناء الأكل تدارك استحباباً، وليقل باسم الله أولاً وآخراً، كما روي في الحديث، وتحصل التسمية بقوله: بسم الله، فإن أتبعها بالرحمن الرحيم كان حسناً، ويسمي كل واحد من الآكلين، فإن سمى واحد حصلت التسمية، وعند أهل الظاهر أن التسمية على الآكل فرض كما ستعلمه.
          الثانية: الأكل باليمين، وقد جاء أن الشيطان يأكل بشماله. وفي ((المصنف)) عن ابن عباس: أن الأكل بالشمال يورث النسيان، وهو محمول على الندب؛ لأنه من باب تشريفها، وأقوى في الأعمال وأسبق وأمكن، ولأنها مشتقة من اليمن والبركة، وشرف الله أهل الجنة بأن نسبهم إليها، فمن الأدب اختصاصها بالأعمال الشريفة كما جاء في حديث (د): يجعل يمينه لطعامه وشرابه، وشماله لما سوى ذلك، ونهى عن الاستنجاء بها كما أخرجه (م) من حديث سلمان الفارسي.
          فإن احتيج إلى الاستعانة بالشمال فبحكم التبعية، وروي أنه ◙ أكل الرطب بالبطيخ أحدهما في يد والآخر في اليد الأخرى. وذكر الطبري عن أبي الجنوب: أن عليًّا أخذ كبداً مشوية بيده ورغيفاً بيده الأخرى فأكل.
          قوله: (تطيش في الصحفة) أي: تجول في سائرها وتتناول من كل جانب، وأصل الطيش: الخفة.
          قوله: (فما زالت تلك طعمتي) هو بكسر الطاء؛ أي: لزمت ذلك وصار دأبي.
          وعمر هذا هو ابن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي ابن أم سلمة، ربيب رسول الله، وله أحاديث توجب له فضل الصحبة مع رسول الله، وطال عمره.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: الشاة المسمومة التي أتي بها في خيبر وأكل منها هل كان سمى هو من أكل معه منها أو لا؟ فإن كان قد سمى وسموا، فكيف ضره ◙ ومات منه البراء بن معروف وإن كان لم يسم عليها أصحابه فهو ◙ لا يجوز أن ينسى التسمية على مأكول فيحتاج إلى جواب ويمكن أن يقال أنه نسي أو ما نسي وسمى وأراد الله إظهار معجزته بتكلم الشاة له)).