مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا}

          ░59▒ باب قول الله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [الأحزاب:53]
          فيه حديث أنس / في البناء بزينب وقد سلف، وقد بين الله تعالى في آخر هذه الآية معنى هذا الحديث وذلك قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب:53] الآية، وأذاه حرام على جميع أمته، وكذا أذى المؤمنين بعضهم بعضاً.
          وفيه: أن من أطال الجلوس في بيت غيره حتى أضر بصاحب المنزل أنه يباح له أن يقوم عنه، أو يخبره أن له حاجة إلى قيامه لكي يقوم، وليس ذلك من سوء أدب، وسيأتي في الأدب إن شاء الله تعالى.
          قال والدي ⌂:
          (الطاعم الشاكر) أي: الذي يأكل ويشكر الله تعالى ثوابه مثل ثواب الذي يصوم ويصبر على الجوع قيل: الشكر نتيجة النعماء والصبر نتيجة البلاء فكيف شبه الشاكر بالصابر؟ أجيب: بأن التشبيه في أصل الاستحقاق لا في الكمية والكيفية ولا يلزم المماثلة في جميع الوجوه.
          الطيبي: ورد الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر وربما يتوهم متوهم أن ثواب الشكر يقصر عن ثواب الصبر فأزيل توهمه به يعني: هما متساويان في الثواب أو وجه الشبه حَبس النفس، إذ الشاكر يحبس نفسه على محبة المنعم بالقلب والإظهار باللسان.
          قوله: (لا يتهم) أي: لا في دينه ولا في ماله، و(عبد الله) هو: ابن محمد ابن أبي الأسود ضد: الأبيض، و(شقيق) بفتح المعجمة وكسر القاف الأولى أبو وائل، و(أبو مسعود) هو عقبة بسكون القاف، و(أبو شعيب) مصغر الشعب بالمعجمة والمهملة والموحدة، و(لحام) أي: بياع اللحم.
          قوله: (إذا حضر العشاء) روي بفتح العين وكسرها، وهو بالكسر من صلاة المغرب إلى العتمة وبالفتح الطعام خلاف الغَدَاء، ولفظ (عن عشائه) هو بالفتح لا غير.
          قوله: (عمرو بن أمية) بضم الهمزة وخفة الميم وشدة التحتانية، و(ألقاها) الضمير راجع إلى الكتف إما باعتبار أنه اكتسى التأنيث من المضاف إليه أو هو مؤنث سماعي.
          فإن قلت: كيف دل على الترجمة بل مفهومه مشعر بنقيضها حيث أنه إذا دعي إلى الصلاة ألقاها؟ قلت: استنبطها من اشتغاله صلعم بالأكل وقت الصلاة.
          فإن قلت: من أين خصص بالعشاء والصلاة أعم منه؟ قلت: هو من باب حمل المطلق على المقيد بقرينة الحديث الذي بعده ومر في صلاة الجماعة.
          فإن قلت: ذكر ثمة أنه كان يأكل ذراعاً وهاهنا قال: كتف شاة؟ قلت: لعله كانا حاضرين عنده يأكل منهما أو أنهما متعلقان باليد فكأنهما عضو واحد.
          قوله: (معلى) بلفظ مفعول التعلية بالمهملة، ابن أسَد مرادف الليث، و(وهيب) مصغر وهب، و(أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة عبد الله التابعي البصري، وإنما تؤخر الصلاة عن الطعام تفريغاً للقلب عن الغير تعظيماً لها كما أنها تقدم على الغير لذلك فلها الفضل تقديماً وتأخيراً.
          قوله: (صالح) هو: ابن كيسان المدني، و(بالحجاب) أي: بشأن نزول آية الحجاب، و(أبي) بضم الهمزة وتخفيف الموحدة المفتوحة وشدة التحتانية الأنصاري، و(العروس) يطلق على الذكر والأنثى، و(أنزل الحجاب) أي: آية الحجاب وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ}الآية [الأحزاب:53].
          الزركشي:
          (العروس) نعت استوى فيه الرجل والمرأة يقع عليهما مدة بناء الرجل بها، وأصله اللزوم يقال عرسه إذا لزمه.