مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من أكل حتى شبع

          ░6▒ باب من أكل حتى شبع
          فيه ثلاثة أحاديث:
          1- حديث أنس، قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت النبي صلعم ضعيفاً... الحديث، وسلف في علامات النبوة، وبعضه في الصلاة.
          قوله: (أعرف فيه الجوع) فيه: أنه ◙ تزوى عنه الدنيا حتى يدركه ألم الجوع ابتلاءً واختباراً. وقد خير أن يكون ◙ نبيًّا عبداً أو ملكاً، فاختار أن يكون نبيًّا عبداً، وعرضت عليه الدنيا فردها واختار ما عند الله؛ لتتأسى به أمته في ذلك.
          وفيه: رد لقول ابن حبان أنه ◙ لم يجع قط، وأن ربط الحجر على بطنه بالزاي لا بالراء، وأنه تصحيف الحجز.
          وفيه: جواز الشهادة على الصوت، واستدل به بعضهم فيما حكاه ابن عبد البر على جواز شهادة الأعمى على الصوت؛ لقوله: أعرف فيه الجوع. وعارضه المانع بأن أبا طلحة تغير عند موته مع علمه بصوته، ولولا رؤيته له لاشتبه عليه في حين سماعه منه وما عرفه.
          وفيه: سد الرجل خلة أخيه إذا علم منه حاجة نزلت به، من حيث لا يسأله ذلك، وهذا من مكارم الأخلاق، وفيه علم الشارع من أبي طلحة أنه يسره سيره إليه مع أصحابه، ولذلك تلقاه أبو طلحة مسروراً به وبأصحابه، وليس العمل على هذا من أجل أنه لا يحتمله كل الناس، وكذلك قال مالك: من دعي إلى طعام وليمة أو غيرها فلا ينبغي له أن يحمل معه غيره، إذ لا يدري هل يسر بذلك صاحب الوليمة أم لا؟ إلا أن يقال له: ادع من لقيت فيباح له ذلك حينئذ.
          قوله ◙: (أرسلك أبو طلحة؟) يجوز أن يكون قاله وحياً أو استدلالاً لأبي طلحة. وقول أبي طلحة: ((قد جاء رسول الله بالناس)) هو قول على مقتضى العادة.
          وقول أم سليم: ((الله ورسوله أعلم)) قول أخرجه النظر إلى الإمكان وخرق العادة، وجائز لرسول الله، وهذه منقبة عظيمة لها، ورجحان عقلها كونها عرفت أنه ◙ قد عرف مقدار الطعام، ولم يكن ليدعو إليه هؤلاء الثمانين رجلاً إلا وهو يكفيهم.
          قوله: (هلمي) كذا وقع، وليست لغة(1) أهل الحجاز؛ لأنهم يقولون للمرأة هلم وكذا للواحد والاثنين والجمع، وقيل: هي كفعل الأمر يفترق فيه المذكر من المؤنث، والتثنية من الواحد والجمع.
          وفيه: تكنية المرأة، والعكة القربة الصغيرة، وآدمته _بمد الألف، وقصرها_: جعلته فيه إداماً.
          وقال ابن التين: أدمته طيبته، والإدام: ما يطيب فيه الطعام. قال: وأدمته مقصور؛ لأنه من أدم أدماً ثلاثي.
          وفيه: الخروج إلى الطريق للضيف والزائر؛ إكراماً له وبرًّا به، وأنه لا حرج على الصديق أن يأمر في دار صديقه بما شاء مما يعلم أنه يسره به، ألا ترى أنه اشترط عليهم أن يفتوا الخبز، وقال لأم سليم: ((هات ما عندك)).
          وفيه: بركة الثريد وجواز الأكل حتى يشبع، وهو ما عقد له الباب، وأن الشبع مباح، وكذا في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة الآتيين جواز الشبع أيضاً وإن كان ترك الشبع في بعض الأحايين أفضل، وقد وردت في ذلك آثار عن سلمان وأبي جحيفة: أن النبي صلعم قال: ((إن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً في الآخرة)).
          وأخبر ◙ أن لابن آدم من الطعام ما يسد به كلب جوعه، ومن الماء ما قطع ظمأه، ومن اللباس ما ستر عورته، ومن المساكن ما أظله فكنه من حر وقر، أن لا حق له فيما عدا ذلك. فالمتجاوز من ذلك ما حذره الشارع خاطب على نفسه متحمل ثقل وباله ولو لم يكسب المقل من الأكل إلا التخفيف عن بدنه من كظ المعدة ونتن التخمة، لكان جريانه يجري ذلك لها طلب الترويح عنها، فكيف / والإكثار منه الداء العضال، وبه كان يتعاير أهل الجاهلية والإسلام.
          2- حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في المشرك المشعان، السالف في البيوع والهبة.
          ووجه إيراده هنا: أمره ◙ بسواد البطن فشوي.
          وفيه وفي الحديث السالف علم من أعلام النبوة وهو الأكل من الطعام القليل العدد الكثير.
          وفيه: استعجال شي الكبد، وحز له حزة: قطع له قطعة.
          وفيه: أن الغائب يترك له سهمه، ولا يهمل حقه لغيبته.
          3- حديث عائشة توفي النبي صلعم حين شبعنا من الأسودين. سلف، وأخرجه (م) أيضاً، ويأتي في باب الرطب والتمر.
          والعرب تقول: الأسودان: التمر والماء، والأحمران: اللحم والشراب، وقيل: الذهب والزعفران، والأبيضان: الماء واللبن، والأسمران: الماء والملح. قال بعضهم: وهذه تسمية للشيء بما يقاربه وذلك أن الأسود منهما التمر خاصة، وكذلك العمران لأبي بكر وعمر فغلبوا عمر لأنه أخف. وأبعد من قال: هما عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز.
          قال والدي ⌂:
          (كتاب الأطعمة) قال ابن بطال: وقع في النسخ: (({كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ})) [البقرة:57] وهو وهم من الكاتب، وصوابه (({أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ})) [البقرة:267].
          قوله: (محمد بن كثير) ضد القليل، و(أبو وائل) بلفظ فاعل الويل بالواو والتحتانية، اسمه شقيق بالمعجمة المفتوحة وكسر القاف الأولى، و(أبو موسى الأشعري) بفتح الهمزة وتسكين المعجمة وفتح المهملة وبالراء، عبد الله.
          قوله: (أطعموا) الأمر هاهنا للندب، وقد يكون الإطعام واجباً في بعض الأحوال، و(العاني) بالمهملة والنون الأسير، و(محمد بن فضيل) مصغر الفضل بالمعجمة، و(أبو حازم) بالمهملة والزاي، اسمه سلمان الأشجعي، و(ثلاثة أيام) أي: متواليات وذلك إما لفقرهم وإما لإيثارهم على الغير، وإما لأنه مذموم، و(الجهد) بالضم الطاقة(2) وبالفتح الغاية والمشقة، والمراد به هنا الجوع الشديد، وفتحها؛ أي: أقرانيها، وحل الاشتباه، و(الرحل) المسكن، و(العس) بضم المهملة الأولى وشدة الثانية القدح العظيم، و(القدح) بكسر القاف السهم، و(تولي ذلك) أي: تقلد أمري وهو إشباعي، ودفع الجوع عني رسول الله صلعم، وفي بعضها: ((فولي الله)) من التولية، والفاعل هو الله تعالى، و(من هو) مفعول وعلى الأول فاعل، و(النعم الحمر) هو أشرف أموال العرب؛ أي: ضيافتك أحب إلي من ذلك، وأفعل التفضيل هو بمعنى المفعول.
          قوله: (الوليد) بفتح الواو وكسر اللام (ابن كثير) بالمثلثة، و(وهب بن كيسان) بفتح الكاف وسكون التحتانية، (أبو نعيم) بضم النون، مولى عبد الله بن الزبير المدني، و(عمر بن أبي سلمة) بفتحتين المخزومي ربيب رسول الله صلعم، و(في حجره) بفتح المهملة وكسرها، و(تطيش) أي: تتحرك إلى نواحي الصحفة وهي ما يشبع خمسة، و(القصعة) ما يشبع عشرة وأسند الطيش إلى اليد مبالغة، و(طعمتي) بكسر الطاء، النوع من الطعم؛ أي: ما زال تلك الطعمة يعني ذلك النوع من الأكل عما يقرب مني بالتسمية، واليمين طعمتي بعد ذلك الوقت، وفي بعضها بالضم، يقال: طعم إذا أكل والطعمة المأكلة.
          و(محمد بن عمرو بن حلحلة) بفتح المهملتين وإسكان اللام الأولى، الديلي بكسر المهملة وتسكين التحتانية.
          قوله: (حوالي) بفتح اللام، و(الدباء) بضم المهملة وشدة الموحدة وبالمد القرع، و(أشعث) بفتح الهمزة والمهملة وسكون المعجمة وبالمثلثة، وأبوه هو سليم مصغر السلم أبو الشعثاء مؤنث الأشعث التابعي الكوفي مر مع الحديث في الوضوء في باب التيمم، و(الترجيل) هو تمشيط الشعر / ، و(كان) أي: شعبة قال: ببلد واسط في الزمان السابق في شأنه كله؛ أي: زاد عليه هذه الكلمة، وقال بعض المشايخ: القائل بواسط هو أشعث.
          قوله: (أبو طلحة) اسمه زيد الأنصاري النجاري، وسمى القبيلة ببني النجار؛ لأن جدهم نجر وجه رجل بالقدوم، و(أم سليم) بتصغير السلم اسمها سهلة أو رميصاء مصغر مؤنث _بالراء والمهملة_ زوجة أبي طلحة أم أنس، و(دست) من دسست الشيء في التراب إذا أخفيته فيه، و(ردتني) من التردية أي: جعلته رداء لي، و(العكة) بالضم آنية السمن، و(أدمته) من قولهم: أدم الخبز يأدمه بالكسر وهو بالمد والقصر لغتان، و(ائذن) أي: بالدخول، وهذا من معجزات رسول الله صلعم.
          قال بعضهم: الشبع المذكور محمول على شبعهم المعتاد منهم وهو أن الثلث للطعام والثلث للشراب والثلث للنفس.
          قوله: (معتمر) أخو الحاج ابن سليمان التيمي، و(أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي بفتح النون وسكون الهاء وبالمهملة، و(عبد الرحمن) بن أبي بكر الصديق.
          فإن قلت: ما فائدة لفظ أيضاً؟ قلت: ظاهره الإشعار بأن سليمان قال: حدثني غير أبي عثمان، وحدثني أبو عثمان أيضاً عبد الرحمن.
          قوله: (مشعان) بضم الميم وإسكان المعجمة وبالمهملة وشدة النون، وقيل: بكسر الميم، الطويل في الغاية، وقيل: طويل الشعر منتفشه ناثره، و(العطية) الهدية، و(سواد البطن) هو الكبد، و(الحز) بالمهملة والزاي القطع مر في كتاب الهبة في باب قبول هدية المشركين.
          قوله: (مسلم) بفاعل الإسلام ابن إبراهيم البصري، و(وهيب) مصغر الوهب، و(منصور) ابن عبد الرحمن التيمي، و(أمه صفية) بفتح المهملة، بنت شيبة بفتح المعجمة أبو عثمان الحجبي بالمهملة ثم الجيم ثم الموحدة، و(حين شبعنا) ظرف كالحال، ومعناه ما شبعنا قبل زمان وفاته يعني كنا متقللين من الدنيا زاهدين فيها.
          فإن قلت: الماء شفاف لا لون له؟ قلت: أطلق الأسودين كالأبوين والقمرين من باب التغليب.
          فإن قلت: إنهم كانوا في سعة من الماء؟ قلت: الري من الماء لم يكن يحصل لهم من دون الشبع من الطعام فقرنت بينهما لعقد التمتع بأحدهما بدون الآخر.
          فإن قلت: المستعمل في الماء الري لا الشبع؟ قلت: عبر عن الأمرين الري والشبع بفعل واحد كما عبر عن التمر والماء بوصف واحد.
          الزركشي:
          (ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام) سيأتي بعد أربعة أوراق: ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله تعالى فليحمل هذا المطلق عليه.
          (فاستقريته آية كذا) بغير همز، وأصل الكلمة مهموز، معناه: طلبت منه أن يقرأ آية.
          (ففت) أي: كسر.
          (عكةً لها) أي: وعاء من جلود مستدير.
          (فأدمته) أي: خلطته وجعلت منه إدامًا يؤكل، يقال فيه بالمد والقصر، ويروى بتشديد الدال على التكثير، قاله ابن الأثير.
          (أبيع أم عطية؟) ارتفع على أنه خبر مبتدأ؛ أي: أهذه بيع، وسبق في البيع روايته بالنصب.
          (بسواد البطن) أي: الكبد وما تعلق به.
          (فأكلنا أجمعون) كذا وقع مرفوعًا تأكيدًا للضمير في فأكلنا، ومن غير هاء هل، وأجاز ابن درستويه حالية ((أجمعين)) وعليه يجوز النصب. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          (الطعم) بالفتح ما يؤديه ذوق الشيء من حلاوة ومرارة وحراقة ومزازة وحموضة وعقوصة ونقاهة فهذه سبع، هكذا ذكره الكلاميون ولي فيه إشكال، وذلك أنهم حدوا... بالذي لا طعم له وعدوه من الطعوم وهذا يحتاج إلى جواب فاعلمه.
          والذائقة أحد الحواس الظاهرة وهي الذوق واللمس والشم / والسمع والبصر، وخمسة أخرى باطنة وهي الحس المشترك والخيال والوهم والذاكرة والمتخيلة(3).
          قوله: (الطيبات) تكرر ذكره، وأكثر ما يرد بمعنى الحلال كما أن الخبيث كناية عن الحرام وقد يرد الطيب بمعنى الظاهر.
          قوله: (ظهوره) الشرعي واللغوي و(تنعله) لبسه النعل وترجله تسريحه شعره، في شأنه كله كلما يفعله فما لا أذى فيه يفعله بيمينه وكانت يساره لما كان من أذى.
          قال الزمخشري في ((الربيع)): المقدام بن معدي كرب قال: يا رسول الله صلعم: ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطن، بحسب الرجل من طعمه ما أقام صلبه، أما إذ أبيت ابن آدم فثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس. انتهى.
          أقول:
          فإن قلت: مجرى الطعام والشراب المري ومجرى النفس الحلقوم؟ قلت: يقسم ما ينتهي إليه المري بثلاثة أثلاث.
          قلت: معناه يترك معدته خالية لإراحة مجرى قصبة الرئة وهو الحلقوم وهو مقارن للمري فإذا امتلأت المعدة تشتغل الطبيعة بهضم ما ورد إلى المعدة فتضعف بوجهها إلى إخراج النفس من الحلقوم فيخرج النفس بعسر من الحلقوم لمزاحمة المري له، وهذا محسوس لمن يأكل كثيراً ويملأ معدته من الطعام والشراب، أو المراد أن يقسم البطن بثلاثة أثلاث فإنه يحتوي على المعدة والمري والحلقوم والكبد والرئة والقلب وغيرها، فيكون المعنى ثلث البطن طعام وثلث شراب وثلث نفس لا المعدة ويندفع السواك(4).
          أقول:
          ذكر ابن العربي في الأحو[ذ]ي في باب الأكل متكئاً قال: ذكرنا آداب الأكل في القسم الرابع من علوم القرآن وبلغناها نحواً من مائة وثمانين أدباً وقد تذاكرنا في مجلس الملك آداب الأكل فقلت: هي نحواً من مائة وخمسين فقال بعض الحاسدين من المتمرسين بالفتوى: ما جمعها اللوح المحفوظ، فأطلق الحسد لسانه حتى أوقعه في الكفر، وسألني الملك جمعها فقلت فخزي المسكين وباء به إلى خزيه اللعين ولا ينبغي أن يأكل متكئاً ولا يضع يده في الأرض، لأنه نوع من الاتكاء.
          وروى (د) أن النبي صلعم جيء على الطعام فقيل له: أي ما هذه الجلسة فقال: إن الله جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيداً.
          وفيه: ونهى أن يأكل الرجل منبطحاً على بطنه، فأما ترك الاتكاء فلما فيه من التكبر وأنه سبب في الإشراف في المأكل، وأما النهي عن الأكل على البطن فلما فيه من قبح الهيئة والمضرة بالبدن. انتهى.
          أقول:
          قول القاضي يشعر بأن الاتكاء هو أن يميل الأكل على أحد جنبيه على الأرض وليس المقصود من الاتكاء في الحديث ذلك بل المقصود من الاتكاء في الحديث التمكن على مقعده والتربع عند الأكل، كذا قاله الخطابي والنووي وغيرهما.
          أقول:
          وقال الشيخ علي بن أحمد المتطبب في كتاب الأطعمة: سبيل الرئيس أن يحرك الناس على الزيادة في الأكل على مائدته وترك التقصير لينال منه كل من حضر حاجته فتزول الشبهة عن الرئيس.
          وقد ذكر ابن الشيخ علي: الطعام خلق قبيح وطبع وبيخ ونفس دنية وهمة مقصرة.
          الحجاج: البخل على الطعام أقبح من البرص على الجسد.
          قال صاحب كتاب الأطعمة: وقد ذكر أن هذا الخلق لا يكون إلا من الشره وذلك أن الطعام ما دام بين يديه فهو شره.
          أقول:
          وقد ذكر عن الأمير أبي دلف العجلي الجواد المشهور أنه كان كريماً جواداً، وكان يبخل بالطعام وينقص من يأكل على مائدته فقيل فيه:
أبو دلف يجود بألف ألف                     ويبخل بالطفيف من الرغيف(5)
          وقيل له في ذلك فقال: حاولت نفسي على ذلك فأبت وهذا أمر غريب وسر عجيب.
          واعلم أن الناس على أقسام والقسم رباعه غير منتشرة منهم من يبخل بالطعام وغيره وضع يدك على من شئت فإنه كذلك، ومن يبخل بالطعام دون الخطام وهو غريب كما ذكرناه، ومن يبخل بالخطام دون الطعام ويؤخذ هذا في أرباب الخيام والقرى، وقسم رابع وهو من يجود بهما وهذا أقل من القليل / .
          قال الزمخشري في الربيع: سهل بن يزيد عمل كتاباً في مدح البخل أهداه إلى الحسن بن سهل فوقع على ظهره قد جعلنا بوائك على ما أخرت به فيه.
          وعنه ◙: ((البخل جامع لمساوئ القلوب وهو زمام يقاد به إلى كل سوء)).
          لما قال أبو العتاهية:
سائر بطرفك حيث شئت                     فلن ترى إلا بخيلاً
          فقيل له: بخلت الناس كلهم، قال: فأكذبوني بواحدة.
          أقول:
          وقال آخر:
يا هند ما في زماني                     مساعف ومساعد
فإن صدقت وإلا                     فكذبيني بواحد
          قال في الربيع: قيل لبخيل: من أسمع الناس؟ قال: من يسمع وقع أضراس الناس على مائدته ولا يبس مرارته، انتهى.


[1] في المخطوط: ((له)) ولعل الصواب ما أثبتناه.
[2] في المخطوط: ((الطاعة)) ولعل الصواب ما أثبتناه.
[3] في هامش المخطوط: ((قلت لا أزيد على أكل لقمتين أو ثلاث فيمدحني ويشكرني ويعظمني بما به رحمه الله)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: ويؤيد هذا ما رأيته في أرجوزة في الطب منها، واعلم بأن الطي مقسوم على ثلاثة فافهم حديث المشكلات فالثلث للطعام ثم الماء والثلث الآخر للهواء)).
[5] في هامش المخطوط: ((~أبو دلف لمطبخه قتار                     ولكن دونه سل السيوف
وكان الأمين ☼على فرط سخائه بخيلاً بالطعام جداً.
أقول: وفي زماننا كان سلطان من أكثر من الأكل على مائدته ضربه وشتمه وأقامه من سماطه)).