مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ذكر الطعام

          ░30▒ باب ذكر الطعام
          فيه ثلاثة أحاديث:
          1- حديث أبي موسى الأشعري: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة..)). الحديث، وسلف في فضائل القرآن.
          2- حديث أنس: ((فضل عائشة على النساء..)). الحديث سلف أيضاً.
          3- حديث أبي هريرة: ((السفر قطعةٌ من العذاب..)). سلف في أواخر الحج.
          ومعنى هذه الترجمة إباحة أكل الطعام الطيب وكراهية أكل المر، وأن الزهد ليس في خلاف ذلك؛ ألا ترى أنه ◙ شبه المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة التي طعمها طيب وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة طعمها حلو ولا ريح لها، ففي هذا ترغيب في أكل الطعام الطيب وأكل الحلو، ولو كان الزهد فيه أفضل لما شبه ◙ ذلك مرة بقراءة القرآن، ومرة بالإيمان، فكما فضل المؤمن بالقراءة والإيمان. فكذلك فضل الطعام الطيب سائر الطعام، وشهد لهذا تفضيل الثريد، وهذا تنبيه منه على أكل الثريد واستعماله لفضله، وتشبيهه المنافق بالحنظلة والريحانة اللتين طعمهما مر، وذلك غاية الذم للطعام المر، إلا أن السلف كرهوا الإكثار من أكل الطيبات وإدامتها؛ خشية أن يصير ذلك لهم عادة. فلا تصبر نفوسهم على فقدها؛ رياضة لها وتذليلاً وتواضعاً.
          وأما حديث أبي هريرة فليس فيه ذكر أفضل الطعام ولا أدناه، فقيل: يحتمل أن يريد أن ابن آدم لا بد له في الدنيا من طعام يقيم به جسده ويقوى به على طاعة ربه، وأن الرب جل جلاله جبل النفوس على الأكل والشرب والنوم، وذلك قوام الحياة، والناس في ذلك مقل ومكثر، فالمؤمن يأخذ من ذلك قدر إيثاره للآخرة والدنيا.
          والحديث الثالث: تفرد به مالك عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وقال: ما لأهل العراق يسألون عن هذا الحديث؟ قيل لأنك انفردت به، قال: لو علمت أني انفردت به ما حدثت به.
          قوله: (نهمته) هو بفتح النون، قال ابن التين: ضبطه بالفتح وكذلك في ضبط كتاب ابن فارس. وقال: هي الهمة بالشيء يريد ما قصد إليه وسافر بسببه.