الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: كان النبي إذا سجد فرج بين يديه حتى نرى إبطيه

          3564- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ): هو: أبو رجاءٍ الثقَفيُّ مولاهم، قال: (حَدَّثَنَا بَكْرٌ): بسكون الكاف بعد الموحدة المفتوحة (وابْنُ مُضَرَ): بضم الميمِ وفتح الضَّاد المعجمة، والمنعِ من الصرفِ؛ أي: ابنِ محمدِ بنِ حَكيمٍ المصريُّ (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ): أي: ابنِ شُرَحبيلَ المصريِّ (عَنِ الأَعْرَجِ): هو: عبدُ الرحمن بنُ هرمُزَ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ): بتكبير: ((عبدِ)) (ابْنِ مَالِكٍ): بالتنوين (ابْنِ بُحَيْنَةَ): بإثبات ألف: ((ابنِ))؛ لأنَّ بُحينةَ أمُّ عبدِ الله، فهي صفةٌ له لا لمالكٍ، وهي _بضمِّ الموحدةِ وفتح الحاء المهملة فتحتية ساكنة فنون_ / (الأَسْدِيِّ): بفتح الهمزة وسكون السين المهملة، وأصلُه: بالزاي؛ لأنَّه من أزْدِ شنُوءةَ، ويقالُ فيه: الأزْديُّ على الأصلِ، قال القسطلَّاني: وغلِطَ الداوديُّ وتبعَه الزركشيُّ فقالا: بفتحِ السينِ، وغلَّطا البخاريَّ فيه، فلم يُصيبا في ذلك، انتهى.
          وأقول: فيه أنَّ الزركشيَّ قال: وقد وهَمَ مَن وَهَّمَ البخاريَّ حيثُ ظنهَّ الأسَديَّ _بفتح السين_ ، انتهى. ومن ثم اقتصرَ في ((الفتح)) على قولِه: وغفَلَ الداوديُّ فقرأه بفتحِ السينِ، ثم أنكرَه، انتهى، فتدبر.
          (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ): بفتحات، جوابُ: ((إذا))؛ أي: فرَّقَ (بَيْنَ يَدَيْهِ): وهو بتشديدِ الراءِ في ((اليونينيةِ)) وفرعِها، وفي الناصريةِ: بتخفيفِها (حَتَّى نَرَى): بالنون وفتحات (إِبْطَيْهِ): بكسر الهمزة تثنيةُ: إبطٍ، وهو معروفٌ (قَالَ): سقطت لأبي ذرٍّ؛ أي: قال قتيبةُ شيخُ المصنِّفِ (وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ): بالتصغيرِ، وهو جدُّ ابنِ عبدِ اللهِ بنِ بُكيرٍ (حَدَّثَنَا بَكْرٌ): بسكونِ الكاف؛ أي: ابنُ مضرَ، هو المذكورُ آنفاً ببقيةِ الإسنادِ السابقِ، فهو موصولٌ (بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): يعني: أنَّ ابنَ بكيرٍ زادَ لفظَ: ((بياضَ)) قبل: ((إبطَيه)) الساقطِ في الروايةِ الأولى.
          قال في ((الفتح)): واختُلفَ في المرادِ بوصفِ: ((إبطَيه)) بالبياضِ، فقيل: لم يكُنْ فيهما شعرٌ، فكانا كلونِ جسدِه؛ إما لعدمِ نباتِ شعرٍ فيهما، وإمَّا لأنَّه كان يتعهدُه بالإزالةِ، ووقع عند مسلمٍ في حديثٍ: ((حتى رأينا عُفرةَ إبطَيه))، ولا تنافيَ بينهما؛ لأنَّ الأعفَرَ: ما بياضُه ليس بالناصعِ، وهذا شأنُ المَغابِنِ يكونُ بياضُها دون لونِ بقيةِ الجسدِ، نعم، الذي نعتقِدُه أنه لم يكُنْ له رائحةٌ كريهةٌ.
          والحديثُ سبقَ في بابِ: يُبدِي ضَبعَيه، من كتابِ الصلاةِ.