الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

          ░6▒ (بَابُ ذِكْرِ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَأَشْجَعَ): بجرِّ: ((ذكْرِ)) لإضَافةِ: ((بابُ)) إليه، وهذه القبائلُ الخمسُ ممنوعةٌ من الصَّرفِ حَتْماً، إلا غِفَاراً، فيجوزُ فيها الصَّرفُ وعدمُه باعتبارَينِ، وتقدَّمَ الكلامُ عليها قريباً مبسُوطاً في أواخرِ باب: مناقبِ قُريشٍ.
          قال في ((الفتح)): هذه الخمسُ قبائلَ كانت في الجاهليةِ في القوَّةِ والمكانةِ دونَ بني عامرِ بنِ صَعْصَعةَ وبني تميمِ بنِ مُرٍّ وغيرِهما من القبائلِ، / فلمَّا جاءَ الإسلامُ كانوا أسرَعَ دخولاً فيه من أولئك، فانقلبَ الشرفُ إليهم بسببِ ذلك، وتكلَّمَ على كلٍّ منهم.
          ثم قال: والحاصلُ أنَّ هذه القبائلَ من مُضرَ، أمَّا مُزَينةُ وغِفارُ وأشجعُ فبالاتفاقِ، وأمَّا أسلمُ وجُهَينةُ؛ فعلى قولٍ ويرجِّحُه أنَّ الذين ذُكِرُوا في مُقابِلِهم؛ وهم: تميمٌ وأسلمُ وغطَفانُ وهَوازنُ جميعُهم من مُضرَ بالاتفاقِ، وكانت منازلُ بني أسدٍ ظاهرَ مكةَ، حتى وقعَ بينهم وبينَ خُزاعةَ، فقتَلَ فَضَالةُ بنُ عبْدةَ بنِ مَرارةَ الأسَديُّ هِلالَ بنَ أميَّةَ الخُزاعيَّ، فقتَلتْ خُزاعةُ هلالاً بصَاحبِها، فنشِبَتِ الحربُ بينهم، فنزحَتْ بنو أسدٍ عن منازلِهم، فحالفُوا غطَفانَ، فصار يقالُ للطَّائفتَينِ: الحليفانِ، وتأخَّرَ من بني أسدٍ آلُ جَحْشِ بنِ ربابٍ، فحالفُوا بني أميَّةَ، فلما أسلمَ آلُ جحْشٍ وهاجَرُوا احتوى أبو سفيانَ على دورِهم بذلك الحَلِفِ.