الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: أن رسول الله كان يسدل شعره

          3558- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ): هو المارُ في السندِ قبلَه، قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): أي: ابنُ سعدٍ (عَنْ يُونُسَ): أي: ابنِ يزيدَ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أي: الزهريِّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي): بالإفراد (عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ): أي: ابنِ عُتبةَ بنِ مسعودٍ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم كَانَ يَسدِلُ): بفتح أوله وكسر ثالثه وضمه؛ أي: يرسِلُ شعرَ ناصيتِهِ على جبهتِهِ كالقَصَّةِ (وَكَانَ المُشْرِكُونَ يَفْرِقُونَ): بكسر الراء للأكثر، وبضمها لأبي ذرٍّ؛ / أي: يُرخون (رُؤُوسَهُمْ): أي: شعرَها إلى جانبَي الرأسِ، ولا يتركون منه شيئاً على جبَاهِهم (فَكَانَ): بالفاء، ولأبي ذرٍّ: <وكان> (أَهْلُ الكِتَابِ): أي: اليهودُ والنصَارى (يَسْدِلُونَ رُؤُوسَهُمْ، فكَانَ): بالفاءِ للأكثرِ، وبالواوِ لأبي ذرٍّ (رَسُولُ اللَّهِ صلعم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ): أي: لأنَّهم كانوا على بقيَّةٍ من شرائعِ الرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، فكانت موافقتُهم فيما يفعلون أحبَّ إليه من موافقةِ عبدةِ الأصنامِ (فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ): أي: مما لا يُخالفُ شرعَه، فلمَّا أسلمَ غالبُ عبدةِ الأوثانِ أحبَّ عليه السلامُ حينئذٍ مخالفةَ أهلِ الكتابِ.
          (ثُمَّ فَرَقَ): بفتحات والراء خفيفة (رَأْسَهُ): أي: ألقى رسولُ اللهِ صلعم شعرَ رأسِه كلَّه إلى جانبَي رأسِه، فلم يترُكْ منه شيئاً على جبينِهِ بعد ما أرسلَه لأمرٍ اقتضاه، واستُدِلَّ بالحديثِ على أنَّ شرعَ مَن قبلَنا شرعٌ لنا ما لم يُخالِفْ شرعَنا.
          قال في ((الفتح)): وتعقِّبَ بأنَّه عبَّرَ بالمحبَّةِ، ولو كان كذلك لعبَّرَ بالوجوبِ، قال: وعلى التسليمِ ففي نفسِ الحديثِ أنَّه رجعَ عن ذلك آخراً.
          وحديثُ البابِ أخرجَه المصنفُ في الهجرةِ واللباسِ، ومسلمٌ في الفضلِ، وأبو داودَ في الترجُّلِ، والترمذيُّ في الشمائلِ، والنسائيُّ في الزينةِ، وابنُ ماجه في اللباسِ.