الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير

          3547- وبالسند قال: (حَدَّثَنِا): بالجمع لأبي ذَرٍّ (ابْنُ بُكَيْرٍ): تصغيرُ: بكْرٍ، واسمُ ابنِ بُكيرٍ: يحيى بنُ عبدِ اللهِ بنِ بُكَيرٍ، فنسَبَه لجدِّه لشهرتِه به، قال: (حَدَّثَنِي): بالإفرادِ (اللَّيْثُ): أي: ابنُ سعدٍ (عَنْ خَالِدٍ): أي: ابنِ يزيدَ الجُمَحيِّ الاسكَندرانيِّ، وكانَ من أقرانِ اللَّيثِ بنِ سعدٍ، لكنَّه مات قبله، وقد أكثرَ الليثُ الروايةَ عنه (عَنْ سَعِيدِ): بوزنِ: أميرٍ (ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ): بكسر الهاء؛ أي: الليثيِّ المدنيِّ (عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو المشهورُ بربيعةَ الرَّأيِ (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ يَصِفُ النَّبِيَّ صلعم، قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ): بفتح راء: ((رَبْعةً)) وسكون الموحدة؛ أي: مربُوعاً، والتأنيثُ باعتبارِ النفسِ، ويستوي فيه المذكَّرُ وغيرُه، مفرَداً ومثنًّى ومجموعاً، وفسَّرَ: ((ربْعةً)) بقولِه: (لَيْسَ بِالطَّوِيلِ): أي: البائنِ (وَلاَ بِالقَصِيرِ): وزادَ البيهقيُّ عن عليٍّ: ((وهو إلى الطولِ أقربُ)).
          وروى ابنُ عسَاكرَ والبيهقيُّ عن عائشةَ: ((لم يكُنْ بالطويلِ البائنِ ولا بالقصيرِ المتردِّدِ، وكان يُنسَبُ إلى الرَّبْعةِ إذا مشَى وحدَه، ولم يكُنْ على حالٍ يُماشيهِ أحدٌ من الناس ينسَبُ إلى الطولِ إلَّا طالَه صلعم، ولربما اكتنَفَه الرجلانِ الطَّويلان فيطولُهما، فإذا فارقَاهُ نُسِبَ صلعم إلى الرَّبعةِ))، وسيأتي قريباً في حديثٍ: ((ليسَ بالطويلِ البائنِ)).
          قال في ((الفتح)): والمرادُ بـ((الطويلِ البائنِ)): المفرِطُ في الطولِ مع اضطرابِ القامةِ، وروى الذُّهليُّ في ((الزُّهرياتِ)) عن أبي هريرةَ بإسنادٍ حسَنٍ أنَّه قال: ((كان رَبْعةً، وهو إلى الطولِ أقربُ))، وعليه يحمَلُ ما هنا.
          (أَزْهَرَ اللَّوْنِ): بفتح الهمزةِ والهاء بينهما زاي ساكنة آخره راء؛ أي: أبيضٌ مشرَّبٌ بحُمرةٍ، كما صرَّحَ به في حديثِ مسلمٍ عن أنسٍ، وروى سعيدُ بنُ منصورٍ والطَّيالسيُّ والترمذيُّ والحاكمُ عن عليٍّ قال: ((كان النبيُّ صلعم أبيضَ مشرَّباً بياضُه بحُمرةٍ)).
          (لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ): بفتح الهمزة والهاء بينهما ميم ساكنة آخره قاف؛ أي: ليس بأبيضَ شديدِ البياضِ؛ كالجَصِّ، وسقطَ: <أمهق> من بعضِ النُّسخِ، كما في ((المنحةِ)) و((العُمدةِ))، وهو الأظهرُ، وفي ((الموعِبِ)): الأمهَقُ: الجَصيُّ البياضِ، وكذلك الأمقَهُ، وقيل: هو بياضٌ في زُرْقةٍ، ويقالُ: امرأةٌ مَهْقاءُ ومَقْهاءُ.
          (وَلاَ آدَمَ): بالمدِّ، ووقعَ في روايةِ المروَزيِّ: ((أمهقَ ليس بأبيضَ))، واعترضَه الدَّاووديُّ وكذا عياضٌ بأنَّه وهمٌ، وقال عياضٌ أيضاً: روايةُ مَن روى: ((ليسَ / بالأبيضِ ولا الآدمِ)) ليستْ بصوابٍ.
          وأجابَ في ((الفتح)) عن الثاني بأنَّ المرادَ: ليسَ بالأبيضِ الشَّديدِ البياضِ، ولا بالآدمِ الشَّديدِ الأُدْمةِ، وإنما يخالِطُ بياضَه الحمرةُ، والعربُ قد تطلقُ على مَن كان كذلكَ أسمرَ، ولهذا جاءَ في حديثِ أنسٍ عند أحمدَ والبزَّارِ وابنِ مَندَه بإسنادٍ صَحيحٍ، وصحَّحَه ابنُ حبَّانَ: ((أنَّ النبيَّ صلعم كانَ أسمرَ))، وردَّ المحبُّ الطبَريُّ هذه الروايةَ بقولِهِ: في حديثِ البابِ عن ربيعةَ: ((ولا بالأبيضِ الأمهقِ، وليس بالآدمِ))، والجمعُ بينهما ممكنٌ.
          وأخرجه البيهقيُّ في ((الدلائل)) من وجهٍ آخرَ عن أنسٍ بلفظِ: ((كانَ رسولُ اللهِ صلعم أبيضَ بياضُه إلى السُّمْرةِ))، وأخرجه أحمدُ بسندٍ حسنٍ عن ابنِ عباسٍ بلفظِ: ((رجلٌ بين رجلَين، جسمُه ولحمُه أحمرُ))، وفي لفظٍ: ((أسمرُ إلى البياضِ)).
          قال: وتبيَّنَ من مجمُوعِ الرواياتِ أنَّ المرادَ بالسُّمرةِ الحُمرةُ التي تخالِطُ البياضَ، وأنَّ المرادَ بالبياضِ المثبَتِ: ما تُخالِطُه الحُمْرةُ، والمنفيِّ: ما لا تُخالطُه، وهو الذي تكرهُ العربُ لونَه وتسمِّيه: أمهقَ، وبهذا يتبيَّنُ أنَّ روايةَ المروَزيِّ المارَّةَ آنفاً مقلوبةٌ، على أنه يمكنُ توجيهُها بأنَّ المرادَ بالأمهَقِ الأخضرُ اللونِ الذي ليسَ بياضُه في الغايةِ، فقد نقِلَ عن رُؤْبةَ أنَّ المهْقَ: خُضْرةُ الماءِ، وتقدمَ إطلاقُ كونِهِ أبيضَ.
          وفي روايةٍ للطبرانيِّ: ((ما أنسَى شدَّةَ بياضِ وجهِهِ معَ شدَّةِ سوادِ شعرِه))، وكذا في شِعْرِ أبي طالبٍ:
وأبيضَ يُستَسْقَى الغَمَامُ بوَجْهِهِ
          وعند ابنِ إسحاقَ عن سُراقةَ: ((فجعلتُ أنظرُ إلى ساقِه كأنَّها جُمَّارةٌ))، ولأحمدَ عن محرَّشٍ الكعبيِّ قال: ((فنظرْتُ إلى ظهرِه كأنَّه سَبيكةُ فضَّةٍ))، ويُجمعُ بينهما بما تقدَّمَ.
          وقال البيهقيُّ: يقالُ: إن المشرَّبَ منه حُمرةً وإلى السُّمرةِ ما ظهرَ منه للشمسِ والريحِ، وأمَّا ما تحتَ الثيابِ فهو الأبيضُ الأزهرُ، وزاد في حديثِ عائشةَ: ((ولونُه الذي لا يُشكُّ فيه الأبيضُ الأزهرُ))، وأمَّا ما وقعَ في زياداتِ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ في ((المسندِ)): ((أبيضُ شديدُ الوضَحِ))، فهو مخالفٌ لحديثِ أنسٍ: ((ليسَ بالأمهَقِ))، وهو أصحُّ، ويمكنُ الجمعُ بما تقدَّمَ عن البيهقيِّ.
          (لَيْسَ): أي: شَعرُه (بِجَعْدٍ): بفتحِ الجيمِ وسكون العينِ وبالدال المهملتين (قَطَطٍ): بفتحِ القافِ وكسرِ الطاء المهملة الأولى وبفتحها؛ أي: ليس بشديدِ الجُعودةَ، قال ابنُ الأثيرِ: جَعْد الشَّعْرِ ضدُّ: السَّبطِ، والقطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، فهو أخصُّ من الجَعْدِ، قال الجوهريُّ: شعْرٌ جعْدٌ: بيِّنُ الجُعودةِ، وقطَطٌ: شديدُ الجعودةِ، فيؤخَذُ منه أنَّ: ((قطَطٍ)) تأكيدٌ للجَعْدِ، فتأمل.
          وقال الزركشيُّ: أي: ليسَ شديدَ الجُعودةِ كشعورِ السُّودانِ (وَلاَ سَبِطٍ): بفتحِ السين المهملةِ وكسرِ الموحدة وتسكَّنُ؛ أي: ولا مسترسِلٍ، بل متوسِّطٌ بينَ الجُعودةِ والسُّبوطةِ، وأجوَدُ الشَّعرِ أن لا يتكسَّرَ ولا يسترسِلَ، وللترمذيِّ وابنِ أبي خيثَمةَ: ((ولم يكُنْ بالجَعْدِ القطَطِ ولا بالسَّبِطِ)).
          (رَجِلٍ): بفتحِ الراء وكسرِ الجيمِ وسكونها وفتحها؛ أي: متسَرِّحٍ شعرُ رأسِهِ، وقيل: مستَرسِلٍ، وهي روايةُ غيرِ أبي ذَرٍّ، وهو مجرورٌ على ما في الفرعِ وأصلِهِ، وعزاه في ((الفتح)) للأَصيليِّ، قال: وهو وهمٌ؛ لأنَّه يصيرُ معطوفاً على المنفيِّ، وقد وُجِّهَ بأنَّه على المجاورةِ، وفي غيرِ الفرعِ وأصلِه: <رَجِلٌ> بالرفع، خبرٌ لمحذوفٍ؛ أي: هو رجِلٌ، وقال البرماويُّ: وعند الأَصيليِّ: بالرفعِ والخفضِ، ووجهُ الخفضِ أنَّ الرَّجِلَ غيرُ السبِطِ، فلا يصلحُ أن يكونَ وصفاً للسبِطِ المنفيِّ عن شَعرِه عليه السلامُ، إلا أن يُخفضَ على الجِوارِ على بُعدِه، انتهى.
          ووقعَ في بعضِ الرواياتِ: بفتحِ اللامِ وتشديدِ الجيمِ على أنَّه فعلٌ ماضٍ.
          (أُنْزِلَ): بالبناءِ للمجهولِ؛ أي: / الوحيُ (عَلَيْهِ): وجملةُ: (وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ): أي: سنةً، حاليَّةٌ، وهذا قولُ الأكثرين، ولمالكٍ: ((بعثَه اللهُ على رأسِ أربعين))، قال في ((الفتح)): وهذا إنما يتِمُّ على القولِ بأنَّه بُعثَ في الشهرِ الذي وُلدَ فيه، والمشهورُ عند الجمهورِ أنَّه وُلدَ في شهرِ ربيعٍ الأوَّلِ، وأنَّه بُعثَ في شهرِ رمضانَ، فعلى هذا يكونُ له حين بُعِثَ أربعون سنةً ونصفٌ، أو تسعٌ وثلاثون ونصفٌ، فمَن قال: أربعين، ألغى الكسرَ أو جبَرَ.
          وقال المسعوديُّ وابنُ عبدِ البرِّ: إنَّه بُعثَ في شهرِ ربيعٍ الأولِ، فعلى هذا يكونُ له أربعون سنةً سواءً، ثم قال: وعن الزُّبيرِ بنِ بكَّارٍ أنَّه وُلدَ في شهرِ رمضانَ، وهو شاذٌّ، فإن كان محفوظاً وضُمَّ إلى المشهورِ أنَّ البعثَ في رمَضانَ فيصِحُّ أنَّه بُعثَ عند إكمالِ الأربعين أيضاً، وأبعدُ منه قولُ مَن قال: بُعثَ في رمضانَ وهو ابنُ أربعين سنةً وشهرين؛ فإنَّه يقتضي أنه وُلدَ في شهرِ رجَبٍ، وصرَّحَ بذلك في ((تاريخِ أبي عبدِ الرحمنِ العتَقيِّ))، وعزاه للحسينِ بنِ عليٍّ، وزاد: ((لسبعٍ وعشرين من رجبٍ))، وهو شاذٌّ، قال: ومن الشاذِّ أيضاً ما رواه الحاكمُ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ قال: ((أُنزِلَ على النبيِّ صلعم وهو ابنُ ثلاثٍ وأربعين))، وهو قولُ الواقديِّ، وتبِعَه البلاذريُّ وابنُ أبي عاصمٍ، وعن مكحولٍ أنَّه بُعِثَ بعد ثنتَين وأربعين.
          وقال المسعوديُّ: يومَ الإثنَينِ لعشرٍ خلَونَ من ربيعٍ الأوَّلِ، وعندَ ابنِ إسحاقَ: ابتُدِئَ بالتنزيلِ يومَ الجمعةِ من رمضانَ، بعثَه وعمرُه أربعون سنةً وعشرون يوماً، وهو تاسعُ شباطَ لسبعمِائةٍ وعشرين عاماً من سنيِّ ذي القَرنَين.
          وقال ابنُ عبدِ البرِّ: يومَ الإثنَينِ لثمانٍ خلَتْ من ربيعٍ الأولِ سنةَ إحدى وأربعين من الفيلِ، وفي ((تاريخِ يعقوبَ الفَسَويِّ)): على رأسِ خمسَ عشْرةَ سنةً من بنيانِ الكعبة، وقيلَ: غيرُ ذلك، وجُمعَ بين هذه الأقوالِ والأوَّلِ بأنَّ ذلك حين حمِيَ الوحيُ وتتابَعَ، فليُتأمَّل.
          (فَلَبِثَ): بكسرِ الموحَّدة (بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ): ببناءِ: ((يُنزَلُ)) للمجهولِ، وأوَّله تحتيَّة، بخلافِ الذي قبله، فإنَّ أولَه همزةٌ (وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ): عطفٌ على: ((بمكَّةَ عشْرَ سنينَ)).
          قال الزركشيُّ ومَن تبِعَه: هذا على قولِ أنسٍ، والصَّحيحُ أنَّه أقامَ بمكةَ ثلاثَ عشْرةَ سنةً؛ لأنَّه توفِّيَ وعمرُه ثلاثةٌ وستون سنةً، ويلزَمُ مَن قالَه أنَّه توفِّيَ وهو ابنُ خمسٍ وستين سنةً؛ إذ لا خلافَ أنَّ إقامتَه بالمدينةِ عشْراً، فتأمَّل.
          وأجاب الدمامينيُّ بأنَّ أنَساً لم يقتصِرْ على قولِه: ((فلبِثَ بمكَّةَ عشْرَ [سنين]))، بل زاد: ((ينزِلُ عليه الوحيُ))، وهذا لا يُنافي أن يكونَ أقامَ بها أكثرَ من هذه المدةِ، ولكنَّه لم ينزِلْ عليه إلا في العَشْرِ، ولا يخفى أنَّ الوحيَ فتَرَ في ابتِدائهِ سنتَينِ ونصفاً، وأنَّه أقامَ ستةَ أشهرٍ في ابتدائه يرى الرُّؤيا الصَّالحةَ، فهذه ثلاثُ سنين لم يوحَ إليه في بعضِها أصلاً، وأُوحيَ إليه في بعضِها مناماً، فيحمَلُ قولُ أنسٍ على أنَّه لبِثَ بمكَّةَ ينزِلُ عليه الوحيُ في اليقَظةِ عشْرَ سنينَ، واستقامَ الكلامُ، لكن يرِدُ على هذا الجمعِ قولُه في حديثِ أنسٍ عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ في بابِ الجعد: ((وتوفَّاهُ اللهُ على رأسِ ستين سنةً))، كذا في القسطلانيِّ.
          وجملةُ: (وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ): حاليةٌ كقولِه: (وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ): بالمدِّ، مؤنثُ: أبيضَ، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشميهنِيِّ: <فقُبضَ> بدلَ: ((وتوفَّاه اللهُ))، والنفيُ يصدُقُ بكونِ البِيضِ سبعةَ عشرَ، كما هو الصَّحيحُ، أو ثمانيَ عشْرةَ، كما قيل، فقد روى ابنُ سعدٍ بإسنادٍ صَحيحٍ عن أنسٍ بلفظِ: ((ما كانَ في رأسِ النبيِّ صلعم ولحيتِهِ إلا سبعَ عشْرةَ أو ثمانيَ عشْرةَ))، وما تقدَّمَ من أنَّها لا تزيدُ على عشَرةٍ مخصُوصٌ بالعَنفَقةِ، وما هنا من / الزِّيادةِ يحتمِلُ أنَّها في صُدغَيهِ، فتأمَّل.
          (قَالَ رَبِيعَةُ): أي: ابنُ أبي عبد الرحمنِ بالسَّندِ المذكورِ (فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ): أي: من شعَرِ لحيةِ رسولِ اللهِ صلعم (فَإِذَا هُوَ): أي: شعرُه (أَحْمَرُ): أي: لصَبغِه (فَسَأَلْتُ): أي: أنساً، هل خضبَ النبيُّ صلعم ؟ (فَقِيلَ): أي: فذُكرَ لي (احْمَرَّ): بتشديدِ الرَّاء (مِنَ الطِّيبِ): أي: من استعمالِهِ فيه، يحتملُ أنَّ القائلَ أنسٌ، ويدلُّ عليه ما وردَ أنَّ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ قال لأنسٍ: هل خضَبَ النبيُّ صلعم ؟ فإنِّي رأيتُ شعَراً من شعرِه عليه السَّلامُ قد لُوِّنَ، فقال: ((إنما هذا الذي لُوِّنَ من الطِّيْبِ الذي كان يطيَّبُ به شعَرُ رسُولِ اللهِ صلعم، فهو الذي غيَّرَ لونَه))، فيحتَمِلُ أنَّ ربيعةَ سألَ أنساً عن ذلكَ فأجابَه، قاله في ((الفتح)) و((العمدة)).
          ومطابقتُه للترجمةِ ظاهرةٌ.
          وأخرجَه المصنِّفُ في اللِّباسِ أيضاً، ومسلمٌ في فضَائلِ النبيِّ عليه السَّلامُ، والترمذيُّ في المناقبِ، والنَّسائيُّ في الزينةِ.