الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم

           ░20▒ (بَابُ كُنْيَةِ): أي: بيانِ كُنيةِ (النَّبِيِّ صلعم): والـ((كُنيةِ)) بضمِّ الكافِ وكسرِها وسكون النون، مأخوذٌ من الكنَايةِ، تقولُ: كَنَيتُ وكَنَوتُ عن الأمرِ بكذا؛ إذا ذكَرتَه بغيرِ صَريحِ اسمِه، وقد اشتُهرتِ الكُنى بين العربِ حتى ربَّما غلبَتْ على الأسماءِ؛ كأبي طالبٍ وأبي بكرٍ وغيرِهما، وقد يكونُ للشخصِ أكثرُ من كنيةٍ، وقد يشتهَرُ باللقبِ، وقد يشتهَرُ بالكُنيةِ، وقد يشتهَرُ بالاسمِ فقط، وهما كاللقبِ من أفرادِ العَلَمِ _بفتحتين_، ويفترقُ اللقَبُ بأنَّه ما يُشعرُ برِفعةِ المسمَّى أو ضِعتِه؛ كقُفَّةَ وزينِ العابدين، والكنيةُ: ما صُدِّرتْ / بأبٍ أو أمٍّ أو بابنٍ وبنتٍ في الأعلامِ الجنسيةِ، وكان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يُكْنى بأبي القاسمِ كثيراً، وهو أكبرُ أولادِهِ.
          وقال في كتاب ((الذخائر والأعلاقِ في آدابِ النفوسِ ومكارمِ الأخلاقِ)): إنَّه كُنِّيَ بذلك؛ لأنَّه يقسِمُ الجنةَ بين أهلِها يومَ القيامةِ، وبأبي إبراهيمَ قليلاً، وهو أصغرُ أولادِه، وقد وُلدَ في المدينةِ من ماريةَ القبطيةِ، وروى البيهقيُّ من حديثِ أنسٍ قال: لمَّا وُلدَ إبراهيمُ ابنُ رسولِ الله صلعم من ماريةَ جاريتِهِ كاد عليه السلامُ يقعُ منه في نفسِهِ شيءٌ حتى أتاه جبريلُ عليه السَّلامُ، فقال: السَّلامُ عليك أبا إبراهيمَ، وفي روايةٍ: يا أبا إبراهيمَ.
          وفي ((التوضيح)): وله كنيةٌ ثالثةٌ، وهي: أبو الأراملِ؛ ذكرَهُ صاحبُ ((الذخائر والأعلاقِ))، وكذا ابنُ دِحيةَ.
          وله كنيةٌ رابعةٌ، وهي: أبو المؤمنين، ذكرَه في ((النَّهجةِ السويةِ))، وقال: قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6] وقرأ أُبيُّ بنُ كعبٍ: ▬وهو أبٌ لهم↨ أي: كأبيهم في الشفقةِ والرأفةِ، قال: وفي الحديثِ: ((إنَّما أنا لكم مثلُ الوالدِ))، انتهى.