الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: كان في عنفقته شعرات بيض

          3546- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا عِصَامُ): بكسرِ العينِ المهملةِ (ابْنُ خَالِدٍ): وهو: أبو إسحاقَ الحِمصيُّ الحضرَميُّ، قال في ((الفتح)): وهو من كبارِ شيوخِ البخاريِّ، وليسَ له في ((الصحيحِ)) غيرُه.
          قال: (حَدَّثَنَا حَرِيزُ): بفتحِ الحاء المهملةِ وكسر الراءِ وسكون التَّحتية بعدها زاي معجمة (ابْنُ عُثْمَانَ): أي: السَّامي، وحَريزٌ من صغارِ التابعين (أَنَّهُ): أي: حَريزاً (سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ): بضمِّ الموحَّدة وسكون السِّين المهملة، المازِنيَّ (صَاحِبَ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: أَرَأَيْتَ): بهمزة الاستفهام؛ أي: هل أبصرْتَ (النَّبِيَّ صلعم): وجملةُ: (كَانَ شَيْخًا؟): / حاليةٌ بتقديرِ: قد.
          وقال الشرَّاحُ واللَّفظُ لشيخِ الإسلامِ: بنصبِ ((النَّبي)) مفعولٌ أولُ لـ((رأيتَ))، ومفعولُه الثاني جملةُ: ((كان شَيخاً))، ويجوزُ أن يكونَ: ((أرأيتَ)) بمعنى: أخبِرْنِي، و((النبي)) مرفوعٌ بالابتداءِ، و((كان شيخاً)) خبرُه بتأويلِ: هل يقالُ فيه: كان شيخاً، انتهى، فتأمَّله.
          وللإسماعيليِّ من وجهٍ آخرَ عن حَريزِ بنِ عثمانَ قال: ((رأيتُ عبدَ الله بنَ بُسْر صاحبَ النبيِّ صلعم بحِمصَ والناسُ يسألونَه، فدنَوتُ منه وأنا غلامٌ، فقلتُ: أنت رأيتَ رسولَ اللهِ صلعم ؟ قال: نعم، قلتُ: شيخٌ كان رسولُ اللهِ صلعم أم شابٌّ؟ قال: فتبسَّمَ))، وفي روايةٍ له: فقلتُ له: ((أكان النبيُّ صلعم صبَغَ؟ قال: يا ابنَ أخي، لم يبلُغْ ذلك))، انتهى.
          (قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ): قال البرماويُّ: جمعُ قلَّةٍ، فلا تكونُ زائداً على العشَرةِ، انتهى.
          وفيه أنَّه قيل: إنَّها كانت سبعةَ عشَرَ، قال شيخُ الإسلامِ: وأُيِّدَ بقولِ أنسٍ بعدُ: ((ليس في رأسِه ولحيتِه عشرون شعرةً بيضاءَ))، ويُردُّ بأنَّه لا يؤيِّدُه؛ لأنَّه مقيَّدٌ بالعنفَقةِ، وذاك باللحيةِ والرأسِ، انتهى.
          وسيأتي فيه كلامٌ أبسطُ آخرَ هذا الحديثِ.
          وهذا الحديثُ من أفرادِ البخاريِّ، وهو الثالثَ عشرَ من ثلاثياتِهِ، فاعرِفْه.