الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم

          ░18▒ (بَابُ خَاتِمِ النَّبِيِّينَ): أي: بيانِ معنى كونِ نبيِّنا صلعم خاتمَ الأنبيَاءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ المشَارِ إليهِ في قولِهِ تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40].
          قال في ((الفتح)): لمَحَ ما وقعَ في القرآنِ، وأشارَ إلى ما أخرجَه في ((التاريخِ)) من حديثِ العِرباضِ بنِ سَارِيةَ رفعَه: ((إنِّي عبدُ الله، وخاتمُ النبيين، وإنَّ آدمَ لَمُنْجدِلٌ في طينتِهِ...)) الحديثَ، وأخرجَه أيضاً أحمدُ وصحَّحَه ابنُ حبَّانَ والحاكمُ، فأوردَ فيه حديثَي أبي هريرةَ وجابرٍ، ومعناهما واحدٌ، وسياقُ أبي هريرةَ أتمُّ، انتهى.
          و((خاتِمِ)) بكسرِ التاء، وبهِ قرأَ أكثرُ القرَّاءِ؛ أي: الذي ختمَهم وجوداً ونبوَّةً، وبفتحِها في قراءةِ عاصمٍ؛ أي: الذين خُتِمُوا به، وقيل: المرادُ به: مَن لا نبيَّ بعده، ولا ينافيه نزولُ عيسى من السماءِ بعده حاكماً بشريعتِه؛ لأنَّه كان موجوداً قبله، وقيل: المرادُ أنَّه لم ينبَّأْ أحدٌ بعده، ونبوةُ عيسى سابقةٌ.