الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها

          3562- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ): بتشديدِ الدالِ الأولى مفتوحة؛ أي: ابنُ مسَرهَدٍ، اسمُ مفعولٍ، قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): أي: ابنُ سعيدٍ القطانُ (عَنْ شُعْبَةَ): أي: ابنِ الحجَّاجِ (عَنْ قَتَادَةَ): أي: ابنِ دِعامةَ السَّدوسيِّ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ): بضمِّ العينِ المهملةِ / وسكون المثنَّاةِ الفوقيَّة فموحدة، مولى أنسِ بنِ مالكٍ (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ☺): ورواه الطبرانيُّ عن عِمرانَ بنِ حُصينٍ (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم أَشَدَّ): خبرُ: ((كان)) (حَيَاءً): بالمدِّ، نُصبَ على التَّمييزِ، وهو: تغيرٌ وانكسارٌ يحصُلُ عند خوفِ ما يُعابُ أو يُذمُّ (مِنَ العَذْرَاءِ): بفتح العين المهملة وسكون الذال المعجمة والراء ممدوداً، هي: البِكْرُ، قيل لها ذلك: لأنَّ عُذرتَها _بضم العين_؛ وهي: جلدةُ بَكارتِها، باقيةٌ (فِي خِدْرِهَا): حالٌ من: ((العَذراءِ)) أو صفةٌ لها، وهو _بكسر الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة_: السِّترُ الذي يكونُ بجانبِ البيتِ.
          قال في ((الفتح)): وهو من بابِ التتميمِ؛ لأنَّ العذراءَ في الخَلوةِ يشتدُّ حياؤها أكثرَ مما تكونُ خارجةً عنه؛ لكونِ الخلوةِ مظنَّةَ وقوعِ الفعلِ بها، فالظاهرُ أن المرادَ تقييدُه بما إذا دُخلَ عليها في خِدرِها، لا حيثُ تكونُ منفردةً فيه، ومحلُّ وجودِ الحياءِ منه صلعم في غيرِ حدودِ اللهِ، ولهذا قال للذي اعترفَ بالزِّنا: ((أنِكتَها))، ولم يُكنِّ، كما سيأتي في الحدودِ، وأخرجَ البزار هذا الحديثَ عن أنسٍ، وزادَ في آخرِه، وكان يقول: ((الحياءُ خيرٌ كلُّه)).
          وأخرج أيضاً بسندٍ حسنٍ عن ابنِ عباسٍ قال: ((كان رسولُ اللهِ صلعم يغتسِلُ من وراءِ الحُجُراتِ، وما رأى أحدٌ عورتَه قطُّ)).
          وصدرُ الحديثِ أخرجَه المصنِّفُ أيضاً في الأدبِ، ومسلمٌ في فضائلِ النبيِّ صلعم.
          3562م# وبالسند قال: (حَدَّثَنِا): بالجمعِ لأبي ذرٍّ (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): بفتحِ الموحَّدة وتشديدِ الشِّين المعجمة، ولقبُه: بُندارٌ، قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): أي: ابنُ سعيدٍ القطَّانُ (وَابْنُ مَهْدِيٍّ): بفتحِ الميمِ وتشديدِ التَّحتية (قَالاَ): أي: يحيى وابنُ مهديٍّ (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): أي: ابنُ الحجَّاجِ (مِثْلَهُ): أي: مثلَ الحديثِ المذكورِ إسناداً ومتناً، لكن زادَ قولَه: (وَإِذَا كَرِهَ): بكسر الراء؛ أي: النبيُّ صلعم (شَيْئاً عُرِفَ): بالبناء للمجهول؛ أي: ذلك الشيءُ؛ أي: كراهتُه في (وَجْهِهِ): أي: لتغيُّرِه بسبب ذلك، ولا يصرِّحُ بكراهتِه له.