الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: بعثت من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا

          3557- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ): بتصغير الأولِ وتكبيرِ الثاني، وهو: أبو رجاءٍ الثقَفيُّ مولاهم، قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو: محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدٍ القاريُّ _بتشديد التحتية_ المدنيُّ، نزيلُ الإسكندريةِ، حليفُ بني زُهرةَ (عَنْ عَمْرٍو): بفتح العين؛ أي: ابنِ أبي عَمرٍو _بفتح العين أيضاً_، واسمُ أبي عَمرٍو: ميسَرةُ مولى المطلبِ (عَنْ سَعِيدٍ): كأميرٍ (المَقْبُرِيِّ): بضم الموحدة على المشهورِ.
          (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم قَالَ: بُعِثْتُ): بضمِّ الموحدة؛ أي: أُرسِلتُ (مِنْ خَيْرِ قُرُونِ): بضم القاف، جمعُ: قَرنٍ _بفتحها_؛ أي: من أفضلِ طبقاتِ (بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا): حالٌ للتفصيلِ، أو تمييزٌ، فالقرنُ: الطبقةُ من الناسِ في عصرٍ واحدٍ، وقيل: سُميَ قرناً لأنَّه يقرِنُ أمةً بأمةٍ، وهو في الأصلِ مصدرُ: قَرَنَ؛ إذا ضمَّ شيئاً لآخرَ، وقيل: القرنُ: ثمانون سنةً، وقيل: أربعون، وقيل: مائةٌ، وقيل: سبعون.
          وقال الكرمانيُّ: فإن قلتَ: إنما بُعثَ من القرنِ الذي وُلدَ فيه.
          قلتُ: أراد أنَّ مجدَه عريقٌ تَليدٌ من لدُنْ آدمَ، كان ينتقلُ من أصلابِ الآباءِ والأمهَاتِ الكرامِ، والنسبُ كلَّمَا شرُفَ كان أدخلَ في المجدِ.
          (حَتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ) بضمِّ الفوقيَّة (فِيهِ): ولأبي ذرٍّ: <منه>، و((حتى)) غايةٌ: لـ((بُعثتُ))، والتاءُ للتَّعقِيبِ وللتَّرقِي من الأبعدِ للأقرَبِ، كقولِهم: خذِ الأفضلَ فالأكمَلَ، واعملِ الأحسنَ فالأجملَ، وللإسماعيليِّ: ((حتى بُعثتُ من القرنِ الذي كنتُ فيه)).
          والحديثُ من أفرادِ المصنفِ.