نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضًا في المسجد

          ░76▒ (باب) حكم (الاِغْتِسَالِ) أي: اغتسال الكافر (إِذَا أَسْلَمَ، وَ) بيان (رَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضاً فِي الْمَسْجِدِ) هكذا في أكثر الروايات، وسقط في رواية الأَصيلي وكريمة قوله: <وربط الأسير أيضاً في المسجد>، ووقع عند البعض لفظ: <باب> بلا ترجمة، وقال محمود العيني: والصَّواب هذا؛ لأن حديث هذا الباب من جنس حديث الباب الذي قبله، ولمَّا كانت بينهما مغايرة حيث همَّ هناك بربط العفريت وامتنعَ لأمر سليمان بن داود ♂، وهاهنا أمر بربط ثُمَامة بنُ أُثَال، كما سيأتي فَصَلَ بينهما بلفظ باب مفرداً.
          هذا والاغتسال إذا أسلم لا تعلُّق له بأحكام المسجد إلا على بعد وهو أن يقال: الكافر جُنُب وغالباً الجنب ممنوع من المسجد إلَّا لضرورة، فلما أسلم لم يبق ضرورة للُبْثِه جُنُباً في المسجد فاغتسل لتسوَّغ له الإقامة فيه.
          ويحتمل أن يكون البخاري ☼ بيَّض للترجمة فَسدَّ بعضهم البياض بما ظهر له، ويدلُّ عليه أنَّ الإسماعيلي ترجم بقوله: باب دخول المشرك المسجد.
          (وَكَانَ شُرَيْحٌ) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وفي آخره حاء مهملة، هو ابن الحارث الكندي كان من أولاد الفُرْس الذين كانوا باليمن، وكان في زمن النَّبي صلعم ولم يَلْقَه، وكان قاضياً بالكوفة من قبل عمر ☺ ومن بعده ستين سنة مات سنة ثمانين.
          (يَأْمُرُ الْغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ) قال ابن مالك: في إعرابه وجهان:
          أحدهما: أن يكون الأصل بالغريم، و«أن يحبس» بدل اشتمال، ثمَّ حذفت الباء كما في قول الشَّاعر:
أمرتك الخير
          أي: بالخير.
          والثَّاني: أن يراد: كان يأمره أن ينحبس، فجعل المطاوَع / موضع المطاوِع لاستلزامه إيَّاه. انتهى.
          وقال محمود العيني: وهذا تكلُّف، وحذف الباء في الشعر للضَّرورة ولا ضرورة هنا، وهذا التركيب ظاهر لا يحتاج إلى مثل هذا الإعراب إذ لا شكَّ أنَّ المأمور هو الغريم، أُمِرَ أن يحبسَ نفسه في المسجد. انتهى؛ وفيه تأمل.
          وهذا التَّعليق وصله مَعْمَر عن أيُّوب عن ابن سيرين قال: كان شريح إذا قضى على رجل بحقٍّ أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم بما عليه فإن أعطى الحقَّ وإلَّا أمر به في السِّجن يعني: أنه يأمر أوَّلاً بالحبس في المسجد، وعند المطل يأمر بالحبس في السِّجن.