نجاح القاري لصحيح البخاري

باب فضل استقبال القبلة

          ░28▒ (باب فَضْلِ / اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) لما فرغ عن بيان ستر العورة، شرع في بيان استقبال القبلة على الترتيب؛ لأنَّ الذي يريد الشروع في الصلاة يحتاج أولاً إلى ستر العورة، ثم إلى استقبال القبلة، وذكر ما يتبعها من أحكام المساجد.
          (يَسْتَقْبِلُ) أي: المصلي؛ أي: القبلة، كما في رواية (بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ) أي برؤوس أصابع رجليه (قَالَه أَبُو حُمَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) وهذا تعليق قطعة من حديث طويل، في صفة الصلاة، رواه أبو حميد، عن النبي صلعم ، وأخرجه المؤلف مسنداً فيما بعد، في باب سنة الجلوس في التشهد [خ¦828]، وجعل هذه القطعة ترجمة بباب آخر فيما بعد [خ¦12/132-1288].
          وأبو حميد هذا هو عبد الرحمن ابن سعد الساعدي الأنصاري المدني، وقيل اسمه المنذر، غلبت عليه كنيته، مات في آخر زمن معاوية.
          واعلم أنَّ فرض الاستقبال هو توجه المصلي بكليته إلى القبلة، وأمَّا فضله فاستقباله بجميع ما يمكن من أعضائه حتى أطراف أصابع رجليه في التشهد، وبوَّب عليه النسائي، فقال: الاستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة عند القعود للتشهد، ثم روى حديث عبد الله بن عمر ☻ قال: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى، واستقبالُه بأصابعها القبلة، والجلوسُ على اليسرى.
          وقال الحافظ العسقلاني: أراد بذكره هنا بيان مشروعية الاستقبال بجميع ما يمكن من الأعضاء.
          وتعقبه محمود العيني: بأنَّ الأمر ليس كذلك؛ لأنَّ الترجمة في فضل الاستقبال، لا في مشروعيته، كما لا يخفى.