-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء
-
باب وجوب الصلاة في الثياب وقول الله تعالى {خذوا زينتكم عند }
-
باب عقد الإزار على القفا في الصلاة
-
باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به
-
باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه
-
باب إذا كان الثوب ضيقًا
-
باب الصلاة في الجبة الشامية
-
باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها
-
باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء
-
باب ما يستر من العورة
-
باب الصلاة بغير رداء
-
باب ما يذكر في الفخذ
-
باب في كم تصلي المرأة في الثياب
-
باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها
-
باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟
-
باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه
-
باب الصلاة في الثوب الأحمر
-
باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب
-
باب إذا أصاب ثوب المصلى امرأته إذا سجد
-
باب الصلاة على الحصير
-
باب الصلاة على الخمرة
-
باب الصلاة على الفراش
-
باب السجود على الثوب في شدة الحر
-
باب الصلاة في النعال
-
باب الصلاة في الخفاف
-
باب إذا لم يتم السجود
-
باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود
-
باب فضل استقبال القبلة
-
باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق
-
باب قول الله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
-
باب التوجه نحو القبلة حيث كان
-
باب ما جاء في القبلة
-
باب حك البزاق باليد من المسجد
-
باب حك المخاط بالحصى من المسجد
-
باب: لا يبصق عن يمينه في الصلاة
-
باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى
-
باب كفارة البزاق في المسجد
-
باب دفن النخامة في المسجد
-
باب: إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه
-
باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة
-
باب هل يقال: مسجد بنى فلان؟
-
باب القسمة وتعليق القنو في المسجد
-
باب من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب فيه
-
باب القضاء واللعان في المسجد بين الرجال والنساء
-
باب إذا دخل بيتًا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس
-
باب المساجد في البيوت
-
باب التيمن في دخول المسجد وغيره
-
باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد
-
باب الصلاة في مرابض الغنم
-
باب الصلاة في مواضع الإبل
-
باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله
-
باب كراهية الصلاة في المقابر
-
باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب
-
باب الصلاة في البيعة
-
باب [ذم اتخاذ القبور مساجد على العموم]
-
باب قول النبي: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا
-
باب نوم المرأة في المسجد
-
باب نوم الرجال في المسجد
-
باب الصلاة إذا قدم من سفر
-
باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين
-
باب الحدث في المسجد
-
باب بنيان المسجد
-
باب التعاون في بناء المسجد
-
باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد
-
باب من بنى مسجدًا
-
باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد
-
باب المرور في المسجد
-
باب الشعر في المسجد
-
باب أصحاب الحراب في المسجد
-
باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد
-
باب التقاضي والملازمة في المسجد
-
باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان
-
باب تحريم تجارة الخمر في المسجد
-
باب الخدم للمسجد
-
باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد
-
باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضًا في المسجد
-
باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم
-
باب إدخال البعير في المسجد للعلة
-
باب
-
باب الخوخة والممر في المسجد
-
باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد
-
باب دخول المشرك المسجد
-
باب رفع الصوت في المساجد
-
باب الحلق والجلوس في المسجد
-
باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل
-
باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس
-
باب الصلاة في مسجد السوق
-
باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره
-
باب المساجد التي على طرق المدينة
-
باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░62▒ (باب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ) النَّبوي، والبُنيان: البناء، وقال الجوهريُّ: البنيان: الحائط، يقال: بنى فلان بيتاً من البنيان، وبنى على أهله بناء؛ أي: زفَّها، والعامة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ.
(وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) هو الخُدري ☺، وقد مرَّ ذكره في كتاب الإيمان [خ¦19] (كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ) النبوي (مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ) والجريد هو الَّذي يُجرَّد عنه الخوص، وهو ورق النَّخل، فإن لم يجرِّد فسعف.
وهذا التَّعليق رواه المؤلِّف ☼ مسنداً في باب هل يصلي الإمام بمن حضر؟: حدثنا مسلم، قال: حدثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: سألت أبا سعيد الخدري ☺، فقال: جاءت سحابة، فمطرتْ، حتى سال السَّقف وكان من جريد النَّخل، فأقيمت الصَّلاة، فرأيت رسول الله صلعم يسجدُ في الماء والطِّين، حتَّى رأيت أثر الطِّين في جبهته [خ¦669].
(وَأَمَرَ عُمَرُ) أي: ابن الخطَّاب ☺ (بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ) النَّبوي (وَقَالَ) للصَّانع: (أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ) فيه أوجه: الأول: بفتح الهمزة وكسر الكاف وفتح النون، أَمرٌ من الإكنان، وهي رواية الأَصيلي، وهي الأظهر الموافق لقوله: وأمر عمر ☺؛ ولقوله: وإياك؛ لأنَّه أمر أولاً بالبناء، وخاطب أحداً بذلك، ثم حذَّره من التَّحمير والتَّصفير.
الثاني: بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون المضمومة، بلفظ المتكلِّم من الفعل المضارع، وقال ابنُ التِّين: هكذا رويناه، وفي هذا الوجه التفات، وهو أنَّ عمر ☺ أخبر عن نفسهِ، ثمَّ التف إلى الصَّانع، فقال: وإياك، ويجوزُ أن يكون أن تجريداً، فكأنَّ عمر ☺ بعد أن أخبر عن نفسه، جرَّد عنها شخصاً، وخاطبه بذلك.
الثالث: وقاله عياض: كِنَّ / الناس: بحذف الهمزة على غير قياسٍ، وكسر الكاف وفتح النون المشددة، وأصله أكن.
الرابع: كُن: بضم الكاف، من كن؛ أي: صان، فهو مكنون، وهذا له وجهٌ، ولكن الرواية لا تساعده، والإكنانُ من أكننتُ الشيء؛ أي: صُنْتُه وسترتُه، وحكى أبو زيد والكسائي: كننتُهُ من الثُّلاثي بمعنى: أكننتُه.
وقال ثعلب في ((الفصيح)): أكننت الشيء، إذا أخفيتَه، وكننتُه إذا سترته بشيء، ويقال: أكننت الشيء سترتُه، وصنته من الشمس، وأكننتُه في نفسي أسررته، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} [القصص:69].
وفي كتاب ((فعل وأفعل)) لأبي عبيدة مَعْمَر بن المُثنى: قالت تميم: كننت الجارية أكنها كِنَّاً _بكسر الكاف_، وأكننتُ العلم والسرَّ، وقالت قيس: كننت السرَّ والعلم بغير ألف، وأكننت الجارية بالألف، وقال ابن الأعرابي في ((نوادره)): أكننت السرَّ، وكننت وجهي من الحرِّ، وكننت سيفي، قال: وقد يكون هذا بالألف أيضاً.
(وَإِيَّاكَ) خطاب للصَّانع بكلمة التَّحذير؛ أي: احذر من (أَنْ تُحَمِّرَ وَتُصَفِّرَ) كلاهما من التَّفعيل بكلمة أن المصدرية؛ أي: من التَّحمير والتَّصفير، والمراد الزخرفة (فَتَفْتِنَ النَّاسَ) بفتح المثناة الفوقية وسكون الفاء، من فَتَن يَفْتِن، كضَرَب يَضْرِب، فَتْناً وفُتُوناً، إذا امتحنه، وضبطه ابن التِّين بضم تاء الخطاب من أفتن، وأنكره الأصمعيُّ، وأجازه أبو عُبيد، وقال: فتن وأفتن بمعنى، وهو قليل، وفي بعض النسخ: <فتفتَّن> من التَّفْتين، وعلى كلِّ حال هو بفتح النون؛ لأنَّه معطوف على المنصوب بكلمة «أن»، والفتنة اسم، وهو في الأصل الامتحان والاختبار، ثمَّ كَثُر استعمالها بمعنى الإثم والكفر والقتال والإحراق والإزالة والصَّرف عن الشَّيء، قاله أبو عُبيد.
قال ابنُ بطال: كأنَّ عمر ☺ فَهِم ذلك من رد الشَّارع الخميصة إلى أبي جَهْم، من أجل الأَعْلَام التي فيها، وقال: ((إنها ألهتْنِي عن صَلاتي)) [خ¦373].
وقال الحافظ العسقلاني: ويحتملُ أن يكون عند عمر ☺ عِلْم خاص بهذه المسألة، وقد روى ابن ماجه من طريق عَمرو بن ميمون، عن عمر ☺ مرفوعاً: ((ما ساء عملُ قومٍ قطُّ، إلَّا زخرفوا مساجدَهم))، ورجالُه ثقاتٌ، إلَّا شيخه جُبَارة بن المغلِّس، ففيه مَقال.
ثم إنَّ هذا التعليق لم نظفر بمن وصله، سوى ما قال الحافظ العسقلاني: هو طرف من قصة في ذكر تجديده المسجد النَّبوي. /
(وَقَالَ أَنَسٌ) ☺ (يَتَبَاهَوْنَ) بفتح الهاء، من التَّباهي، وهو المباهاةُ والمفاخرةُ؛ أي: يتفاخرون (بِهَا) أي: بالمساجد، والسِّيَاق يدلُّ عليه (ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا) بضم الميم (إِلاَّ قَلِيلاً) بالنَّصب، ويجوز الرفع، لأنَّه من باب قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء:66]. والمعنى أنَّهم يزخرفون المساجد، ويزيِّنونها، ثمَّ يقعدون فيها، ويتمارون، ويتباهون، ثمَّ لا يعمرونها، بأن يشتغلوا بالذِّكر والصَّلاة وقراءة القرآن ودرس العلوم الشَّرعية.
وهذا التَّعليق مرفوع في ((صحيح ابن خزيمة))، عن محمد بن عَمرو بن العباس: حدثنا سعيد بن عامر، عن أبي عامر الخزَّاز، قال: قال أبو قلابة: انطلقنَا مع أنس ☺ نريد الزَّاوية _يعني: قصر أنس_، فمررنا بمسجد، فحضرَتْ صلاة الصُّبح، فقال أنس: لو صلَّينا في هذا المسجد، فقال بعضُ القوم: نأتي المسجد الآخر، فقال أنسٌ ☺: إنَّ رسول الله صلعم قال: ((يأتي على النَّاس زمان يتباهَون بالمساجد، ثمَّ لا يعمرونها إلَّا قليلاً _أو قال: يعمرونها قليلاً_)). ورواه أبو يعلى الموصلي أيضاً في ((مسنده)).
وروى أبو داود والنسائي وابن حبَّان مختصراً من طريق أخرى، عن أبي قِلابة، عن أنس ☺، عن النبي صلعم قال: ((لا تقومُ السَّاعة حتى يتباهى النَّاس في المساجد))، والطَّريق الأول أليقُ بمراد البخاري ☼ .
وعند أبي نُعيم في كتاب ((المساجد)) من الوجه الذي عند ابن خزيمة: ((يتباهَون بكثرة المساجدِ))، ومن الوجه الآخر: ((يتباهى النَّاس ببناء المساجد)).
وفي حديث أنس ☺ هذا عِلْمٌ من أعلام النُّبوة؛ لإخباره صلعم بما سيقع، فوقع كما قاله، والله أعلم.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ : والله (لَتُزَخْرِفُنَّهَا) أي: المساجد، وهو بفتح لام القسم وضم الفوقية وفتح الزاي وسكون الخاء المعجمة وكسر الراء وضم الفاء ونون التأكيد، خطاباً للمذكرين، من الزخرفة، وهو التَّزيين، يقال: زخرف الرَّجل كلامه، إذا موَّهه وزيَّنه بالباطل، والزُّخرف: الذَّهب، ثم استعمل في كلِّ ما يتزيَّن به، والمعنى هاهنا تمويه المساجد بالذَّهب ونحوه.
(كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) كنائسهم وبِيَعَهم، حين حرَّفوا الكتب، وبدَّلوها، وضيَّعوا الدِّين، وعرَّجوا على الزَّخارف.
وقال محيي السنَّة: أي: أنَّهم زَخرفوا المساجد عندما بدَّلوا دينهم، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم، وسيصير أمركم إلى المُرَاءاة بالمساجد، والمباهاة بتزيينها، وبهذا استدلَّ أصحابنا أن نقشَ المسجد وتزيينه مكروه، وقول بعض أصحابنا: ولا بأس بنقشِ المسجد، معناه: تركه أولى.
ولا يجوز من مال الوقف، / ويُغرَّم الذي يخرجه منه، سواء كان ناظراً أو غيره، نعم؛ إذا وقع ذلك على سبيل التَّعظيم للمساجد، ولم يقع الصَّرف عليه من مال الوقف، ولا من بيت المال، فلا بأس به، ولو أوصى بتشييد مسجد وتحميره وتصفيره، نفذت وصيته؛ لأنَّه قد حدث للناس فتاوى بقدر ما أحدثوا، وقد أحدث النَّاس مؤمنهم وكافرهم تشييد بيوتهم وتزيينها، ولو بنينا مساجدنا، وجعلناها مُتَطامنة بين الدُّور الشَّاهقة، فربما كانت لأهل الذِّمة مستهانة، قاله ابن المُنَيِّر.
وتعقِّب بأنَّ المنع إنْ كان للحثِّ على اتِّباع السلف في ترك الرَّفاهية، فالأمر كما قال، وإن كان لخشية شغل بال المصلي بالزَّخرفة، أو لإخراج المال في غير وجهه فلا.
هذا؛ وأنت خبير بسخافةِ هذا الكلام، إن كنت من ذوي الأفهام، ثمَّ إن هذا التَّعليق وصله أبو داود وابن حبَّان، من طريق يزيد بن الأصم، عن ابن عبَّاس ☻ هكذا موقوفاً، وقبله حديث مرفوعٌ، ولفظه قال: قال رسول الله صلعم : ((ما أُمِرت بتشييدِ المساجد))، قال ابن عبَّاس ☻ : لتزخرفُنَّها كما زَخرفت اليهود والنَّصارى.
وإنما اقتصرَ البخاري ☼ على الموقوف منه، ولم يذكر المرفوع، للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرسالهِ، ويزيد هذا روى له مسلم والأربعة.
وظنَّ الطِّيبي في ((شرح المشكاة)) أنهما حديث واحدٌ، فشرحه على أن اللام في ((لِتزخرفنها)) مكسورة، وهي لام التَّعليل للمنفي قبله، والمعنى ما أمرت بالتَّشييد؛ أي: رفع البناء والإحكام؛ ليجعل ذريعة إلى الزَّخرفة، قال: والنون فيه لمجرد التَّأكيد، وفيه نوع توبيخٍ وتأنيب، ثمَّ قال: ويجوز فتح اللام على أنها جواب القسم، قال الحافظ العسقلاني: وهذا هو المعتمد، والأول لم يثبت به الرواية أصلاً، فلا تغتر.