نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إذا دخل بيتًا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس

          ░45▒ (باب) بالتنوين (إِذَا دَخَلَ) رجل (بَيْتاً) بيت أحد (يُصَلِّي) فيه (حَيْثُ شَاءَ) اكتفاءً بالإذن العام في الدخول (أَوْ) يصلي (حَيْثُ أُمِرَ) على صيغة المجهول؛ أي: حيث أمره صاحب البيت.
          وفي بعض النسخ هكذا <أيصلي> بهمزة الاستفهام، والمعنى على هذا، وإلا لا يطابق الحديث الترجمة جميعاً، ولا يطابق إلا الشق الثاني، وهو قوله صلعم : ((أين تحب أن أصلي / لك من بيتك))؟.
          وعن هذا قال ابن بطال: لا يقتضي لفظ الحديث أن يصلي حيث شاء، وإنما يقتضي أن يصلي حيث أمر، لقوله صلعم : ((أين تحب أن أصلي لك؟))، فكأنَّه قال: باب إذا دخل بيتاً، هل يصلي حيث شاء، أو حيث أمر؟؛ لأنَّه صلعم استأذنه في موضع الصلاة، ولم يصلِّ حيث شاء، كما في حديث الباب، فيبطل حكم حيث شاء، ويؤيده قوله:
          (وَلاَ يَتَجَسَّس) بالجيم أو الحاء المهملة، وبالضم أو بالجزم؛ أي: ولا يتفحص موضعاً يصلي فيه، ووجه التأييد: أنَّه إذا أمر صاحب المنزل بمكان يصلي فيه، فلا يبقى للتفحص مجال، بخلاف الشق الأول. فتأمَّل.
          وقال ابن المنيِّر: إنَّما أراد البخاري أنَّ المسألة موضع نظر، فهل يصلي من دعي حيث شاء؛ لأنَّ الإذن في الدخول عام في أجزاء المكان، فأين ما جلس أو صلى تناوله الإذن؟ أو يحتاج إلى أن يستأذن في تعيين مكان صلاته؛ لأنَّ النبي صلعم فعل ذلك؟ والظاهر هو الأول.
          وإنَّما استأذن النبي صلعم ؛ لأنَّه دعي للصلاة، ليتبرك صاحب البيت بمكان صلاته، فسأله صلعم ، ليصلي في البقعة التي يحب تخصيصها بذلك، وأمَّا من صلى لنفسه، فهو على عموم الإذن، إلا أن يخصّ صاحبُ المنزل ذلك العموم، فيختص.