نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

          ░39▒ (بابٌ) بالتنوين: (إِذَا بَدَرَهُ الْبُزَاقُ) أي: غلب على المصلي، ولم يقدر على دفعه (فَلْيَأْخُذْ) بزاقه (بِطَرَفِ ثَوْبِهِ) وأنكر السروجي قوله: ((بدره))، وقال: المعروف في اللغة بدرت إليه وبادرته.
          وقال الجوهري: بدرت إلى الشيء، أبدر بدوراً أسرعتُ، وكذلك بادرت إليه، وتبادر القوم تسارعوا.
          وأجاب الزركشي والبَرماوي والحافظ العسقلاني عن هذا نصرة للمؤلف ☼ : بأنَّه يستعمل في المغالبة، فيقال: بادرت كذا فبدرني؛ أي: سبقني وغلبني في السبق.
          ورَدَّ ذلك محمود العيني على الحافظ العسقلاني، كما هو عادته فقال: هذا كلام من لم يمس شيئاً من علم التصريف، فإنَّ في المغالبة يقال: بادرني فبدرته، ولا يقال بادرت كذا فبدرني، كما يقال: كارمني فكرمته، وليس هاهنا باب المغالبة حتى يقال بدره. انتهى.
          وأنت خبير بأنَّ الحافظ العسقلاني ليس أبا عذرة هذا التوجيه، والحق أنَّ هذا خروج عن الإنصاف، وميل إلى جانب الاعتساف؛ إذ بالمثال لا يتعيَّن الأصل.
          ويجوز أن يكون تقدير الكلام هاهنا: إذا بادر المصلي البزاق فبدره البزاق، لكنه اختصر، فقال: إذا بدره البزاق. فليتأمل.