نجاح القاري لصحيح البخاري

باب السجود على الثوب في شدة الحر

          ░23▒ (باب السُّجُودِ عَلَى) طرف (الثَّوْبِ) كالكمِّ والذيل (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) أي: لأجل شدة الحرِّ، وكذا البَرْدِ، فهو من قبيل قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل:81]، وخص الحر بالذكر للمحافظة على لفظ الحديث.
          (وَقَالَ الْحَسَنُ) هو البصري ☼ (كَانَ الْقَوْمُ) أي: الصحابة ♥ (يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ) بكسر العين؛ أي: على كورها ودورها (وَالْقَلَنْسُوَةِ) بفتح القاف واللام وإسكان النون وضم السين المهملة وفتح الواو، من ملابس الرأس.
          وقال القزاز في ((شرح الفصيح)): غشاء مبطَّن، يلبس على الرأس.
          وعن ابن خالويه: العرب تسمِّي القلنسوة برنساً.
          وفي ((التلخيص)) لابن هلال العسكري: البرنس القلنسوة الواسعة التي تغطَّى بها العمائم، تستر من الشمس والمطر، وقيل: إنَّ القلنسوة هي رأس البرنس.
          وفي ((المحكم)): هي من ملابس الرؤوس، معروفٌ.
          وقال ابن هشام في ((شرحه)): هي التي تقول لها العامة الشاشية.
          وذكر ثعلب في ((فصيحه)) لغة أخرى، وهي القُلَيْسِيَة _بضم القاف وفتح اللام وسكون الياء وكسر السين وفتح الياء وفي آخره هاء_ .
          وفي ((المحكم)): وعندي أنَّ قليسية ليست بلغة، وإنَّما هي مصغَّرة.
          وفي ((شرح الغريب)) لابن سيده: قلنساة وقلساة، وجمعها قلانس وقلاسي. وعن يونس: أهل الحجاز يقولون: قلنسية، وتميم تقول: قلنسوة.
          وفي ((شرح المرزوقي)): قَلْنَسْتُ الشيء / إذا غطيته.
          (وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: <ويديه في كمه>.
          وجه الأول: أنَّ «يداه» مبتدأ، وفي «كمه» خبره، والجملة حالية، والتقدير: ويدا كل واحد في كمه، وإلاَّ فالمقام يقتضي أن يقال: وأيديهم في أكمامهم، وكأنَّه أراد بتغيير الأسلوب بيان أنَّ كل واحد منهم ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معاً، لكن كل واحد كان يسجد ويداه في كمه.
          ووجه الثاني: أنَّ «يديه» منصوب بفعل مقدر، تقديره: ويجعل كل واحد يديه في كمه.
          ثم هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة في ((مصنفه))، عن أبي أسامة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، قال: إن أصحاب رسول الله صلعم كانوا يسجدون، وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته.
          وأخرجه أيضاً عبد الرزاق في ((مصنفه))، عن هشام بن حسان، عن الحسن نحوه.
          وأخرج ابن أبي شيبة، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، أنَّه كان يسجد في طيلسانه.
          وأخرج عن محمد بن عدي، عن حميد: رأيت الحسن يلبس أنبجابياً في الشتاء، ويصلي فيه، ولا يخرج يديه، وكان عبد الرحمن بن زيد يسجد على كور عمامته، وكذلك الحسن وسعيد بن المسيب، وبكر بن عبد الله، ومكحول، والزهري، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن يزيد، وكان عبادة بن الصامت، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبو عبيدة، وإبراهيم النخعي، وابن سيرين، وميمون بن مهران، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وجعدة بن هبيرة يكرهون السجود على العمامة.
          وذكر محمد بن أسلم الطوسي في كتابه ((تعظيم قدر الصلاة)) عن خلاد بن يحيى بن عبد الله بن المحرر، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، أن النبي صلعم سجد على كور عمامته. قال ابن أسلم: هذا سند ضعيف.