نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟

          ░64▒ (باب) بالتنوين (هَلْ يَخُصُّ) على البناء للفاعل؛ أي: هل يخص الشَّخص الذي يريد الصِّيام (شَيْئاً مِنَ الأَيَّامِ؟) وفي رواية النَّسفي: ((هل يخص شيء)) على البناء للمفعول، ورفع ((شيء)) على أنَّه نائب عن الفاعل.
          قال الزَّين ابن المنيِّر: لم يجزم بالحكم؛ لأنَّ ظاهر حديث الباب إدامتَه صلعم العبادة، ومواظبته على وظائفها، فهو يدلُّ على عدم التَّخصيص، ويُعارضه ما صحَّ عن عائشة ♦ نفسها ممَّا يقتضِي نفي المداومة، وهو ما أخرجه مسلم من طريق أبي سلمة، ومن طريق عبدِ الله بن شقيق جميعاً عن عائشة ♦ أنَّها سئلت عن صيام رسول الله صلعم فقالت: كان رسولُ الله صلعم يصوم حتَّى نقول: قد صام قد صام، ويفطر حتَّى نقول: قد أفطرَ قد أفطرَ.
          وتقدَّم نحوه قريباً في هذا الصَّحيح من حديث ابن عبَّاس [خ¦1971] ☻ وغيره [خ¦1969]، فأبقى التَّرجمة على الاستفهام ليترجَّح أحد الخبرين أو يتبيَّن الجمع بينهما.
          ويمكن الجمع بينهما بأنَّ قولها: كان عمله ديمة، معناه: أنَّ اختلاف حاله في الإكثار / من الصَّوم ثم من الفطر كان مداماً مستمراً، وبأنَّه صلعم كان يوظف على نفسه العبادة فربَّما شغله عن بعضها شاغلٌ فيقضيها على التَّوالي فيشتبه الحال على من يرى ذلك، فقول عائشة ♦: كان عمله ديمةً منزل على التَّوظيف، وقولها: كان لا تشاء أن تراه صائماً إلَّا رأيته منزل على الحال الثَّاني، وقيل: معناه: أنَّه كان لا يقصد نفلاً في يوم بعينه فيصومه، بل إذا صام يوماً بعينه كالخميس مثلاً داوم على صومه.