نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر

          ░36▒ (باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ) على البناء للمفعول؛ أي: للرَّجل الذي ظلَّلوا عليه بشيء له ظل.
          وقوله: (وَاشْتَدَّ الْحَرُّ) جملة حالية بتقدير قد: (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ) والبِر _بكسر الموحدة_ الطَّاعة؛ يعني: ليس من الطَّاعة والعبادة أن تصوموا في حالة السَّفر، والبر أيضاً الإحسان والخير، ومنه برُّ الوالدين، والبَر _بالفتح_ الجيد والخير، ومنه قوله صلعم : ((صلُّوا خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر)) ويجيء بمعنى العطوف. ومن أسماء الله تعالى البَر؛ أي: العطوف على عباده ببرِّه ولطفه.
          قال الزَّركشي: كلمة ((من)) في قوله: ((ليس من البر))، زائدة لتأكيد النفي، وقيل: للتَّبعيض وليس بشيء.
          وتعقَّبه الدَّماميني: بأنَّ هذا عجيب؛ لأنَّه أجاز ما المانع منه قائم، ومنع ما لا مانع منه، وذلك أنَّ من شروط زيادة ((من)) أن يكون مجرورها نكرة وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهب المعوَّل عليه وهو مذهب البصريين خلافاً للأخفش والكوفيِّين، وأمَّا كونها للتبعيض فلا يظهر لمنعه وجه؛ إذ المعنى أنَّ الصَّوم في السَّفر ليس معدوداً من أنواع البر.
          وأمَّا رواية: ((ليس من امبر امصيام في امسفر)) بإبدال اللام ميماً على لغة أهل اليمن، وقال الزمخشري: هي لغة طي فهي في «مسند الإمام أحمد» لا في «صحيح البخاري» ولا في غيره من الكتب الستَّة.