نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: شهرا عيد لا ينقصان

          ░12▒ (باب) بالتنوين: (شَهْرَا عِيدٍ) هما رمضان وذو الحجَّة كما في متن حديث الباب، ووجه إطلاق شهرِ عيد على رمضان مع أنَّ العيد من شوال سيأتي إن شاء الله تعالى [خ¦1912].
          (لاَ يَنْقُصَانِ) هكذا ترجم ببعض لفظ الحديث، وهذا القدر متن الحديث الذي رواه التِّرمذي من حديث بشر بن المفضَّل عن خالد الحذَّاء (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هو البخاري نفسه (قَالَ إِسْحَاقُ) هو: ابنُ راهويه، أو ابن سويد بن هبيرة مصغر الهبرة بالموحدة العدوي، وبالثَّاني جزم صاحب «التَّلويح» مغلطاي، وتبعه صاحب «التَّوضيح» ابنُ الملقن، وهو الظَّاهر؛ لأنَّه ممَّن روى هذا الحديث.
          وقال الحافظ العسقلاني: إنَّه إسحاق بن راهويه، وادَّعى مغلطاي: أنَّ المراد بإسحاق هو إسحاق بن سويد العدوي، راوي الحديث، ولم يأت على ذلك بحجَّة. انتهى.
          وأنت خبيرٌ بأنَّه يتشبَّث بالظَّاهر، فإنَّ الظَّاهر أنَّ المراد هو راوي الحديث.
          وأمَّا الحافظ العسقلاني فيتشبَّث بأنَّ التِّرمذي نقل هذا أعني قوله: وإن كان ناقصاً، فهو تمام عن إسحاق بن راهويه، ويمكن أن يكون ما نسبه التِّرمذي إليه من باب توارد الخاطر، والله أعلم.
          (وَإِنْ كَانَ) كلُّ واحد من شهري العيد (نَاقِصاً) في العدد والحساب (فَهْوَ تَمَامٌ) في الأجر والثَّواب (وَقَالَ مُحَمَّدٌ) قيل: المراد منه هو البخاري نفسه؛ لأنَّ اسمه محمَّد بن إسماعيل، وهذا بعيد؛ لأنَّ دأبه إذا أراد أن يذكر شيئاً، وأراد أن ينسبه إلى نفسه يقول: قال أبو عبد الله، بكنيته.
          وقال صاحب «التَّلويح»: هذا التَّعليق عن ابن سيرين، ولم يذكر في أيِّ موضع ذكر، فيحتمل أن يكون المراد منه: هو محمَّد بن سيرين.
          (لاَ يَجْتَمِعَانِ كِلاَهُمَا نَاقِصٌ) مبتدأ وخبر حال من ضمير الاثنين بغير واو كما في قوله: كلَّمته فوه إلى في، والمعنى: لا يجتمعان في سنةٍ واحدةٍ حال كونهما ناقصين إن نقص أحدهما تمَّ الآخر. وسيأتي التَّفصيل في ذلك في بيان الحديث إن شاء الله تعالى.
          وقد سقط قوله: <قال أبو عبد الله...> إلى قوله: <ناقص> من رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر.