نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إسباغ الوضوء

          ░6▒ (باب إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ)؛ أي: إتمامه وإكماله من قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} [لقمان:20] ؛ أي: أتمَّها، يقال: سبغت النعمة تَسْبُغ سبوغاً ؛ أي: اتسعت، وقال الليث: كل شيء طال إلى الأرض فهو سابغ، وإسباغ الوضوء إبلاغه مواضعه وإيفاء كل عضو حقه، ووجه المناسبة بين البابين أن المذكور في الباب السابق تخفيف الوضوء، وفي هذا الباب ما يقابله صورة وإن كان لابُدَّ مع التخفيف من الإسباغ أيضاً كما مر [خ¦138].
          (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) ☻ (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ الإِنْقَاءُ) وهذا تَعليقٌ أخرجه عبد الرزاق في ((مُصنفه)) موصولاً بإسناد صحيح، وهذا من باب تفسير الشيء بِلازِمِه، إذ الإتمام يستلزم الإنقاء عادة، وقد روى ابن المنذر بإسناد صحيح: «أن ابن عمر ☻ كان يَغْسِل رِجْليه في الوضوء سبع مرات» فكأنه يقصد بذلك الإنقاء، وإنما اقتصر في ذلك على الرِجْلَين ؛ لأنهما محل الأوساخ غالباً لاعتيادهم المشي حُفاة، بخلاف بقية الأعضاء. فإن قيل: ما وجه ذلك وقد مَرَّ أن الزيادة على الثلاث ظلم وتَعدٍ؟
          فالجواب: أن ذلك فيمن لم يَرَ الثلاث سُنَّة، أما إن رآها وزاد على أن يكون من باب الوضوء على الوضوء فيكون ذلك نوراً على نور.