نجاح القاري لصحيح البخاري

باب غسل الأعقاب

          ░29▒ (باب غَسْلِ الأَعْقَابِ) جمع عَقِب بفتح العين وكسر القاف مثل كَبِد، وهو المستأخر الذي يُمْسِك مؤخر شِرَاك النَّعل، وقيل: هو العظم المرتفع عند مفصل الساق والقدم، والمعنى: فرضية غسل الأعقاب وما يلتحق بها مما في معناها من الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها، ومن ثمةَ ذَكَر موضع الخاتم ؛ لأنه قد لا يصل إليه الماء إذا كان ضيقاً، فقال على وجه التعليق: (وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ) هو: محمد من أكابر التابعين، وقد تقدم في باب: اتباع الجنائز من الإيمان [خ¦47] (يَغْسِلُ مَوْضِعَ الْخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ) يجوز أن تكون إذا للشرط، وأن تكون للظرفية، فقوله: (كان) جزاءٌ الشرط إذا كان: (إذا) للشرط، وهو العامل فيه إذا كان للظرفية، ويجوز أن يكون الجزاء أو العامل قوله: «يغسل» والأول أَوْجَه، وأما الواو في قوله: «وكان» فللاستفتاح، ثمَّ إن الحنفية قالوا: تحريك الخاتم الضيق من سنن الوضوء ؛ لأنه في معنى تخليل الأصابع، وأما إذا كان واسعاً فلا يحتاج إلى التحريك، وبهذا التفصيل قال الشافعي وأحمد.
          قال ابن المنذر: وبه أقول، وكان ابن سيرين، وعمرو بن دينار، وعروة، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، وابن عُيَيْنة، وأبو ثور يحركونه في الوضوء، وقد ذُكر في ((مصنف ابن أبي شيبة)) هكذا عن أبي تميم الجَيْشَاني، وعبد الله بن هُبَيْرة السَّبَائِي، وميمون بن مَهْران وكان حمَّاد يقول في الخاتم: أَزِلْه.
          قال ابن المنذر: ورخَّص فيه مالك والأوزاعي، وروي ذلك عن سالم، وقد روى ابن ماجه حديثاً فيه ضَعْفٌ عن أبي رافع: «كان رسول الله صلعم إذا توضأ حرَّك خاتمه».
          قال البيهقي: والاعتماد في هذا الباب على أن الأثر عن علي ☺ أنه «كان إذا توضأ / حرك خاتمه»، وحكي أيضاً عن ابن عمر وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص ♥ .
          وفي ((غريب الحديث)) لابن قتيبة من طريق ابن لَهِيعة عن أبي بكر الصديق ☺ قال لرجل يتوضأ: عليك بالمَنْشَلة، قال: يعني موضع الخاتم من الإصبع، والمَنْشَلة: بفتح الميم وسكون النون وفتح الشين المعجمة واللام، ثمَّ إن هذا التعليق أخرجه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) بسند صحيح موصولاً عن هُشَيْم، عن خالد، عن ابن سيرين، وكذا أخرجه البخاري موصولاً في ((التاريخ)) عن موسى بن إسماعيل، عن مهدي بن ميمون، عنه: «أنه كان إذا توضأ حرك خاتمه».