نجاح القاري لصحيح البخاري

باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

          ░72▒ (بابُ غَسْلِ الْمَرْأَةِ أَبَاهَا) مفعول المصدر المضاف إليه فاعله (الدَّمَ) بالنصب على أنه بدل اشتمال من أباها، ويجوز أن يكون منصوباً بالاختصاص ؛ أي: أعني الدم (عَنْ وَجْهِهِ) وفي رواية: <من وجهه> وهو الظاهر فعن بمعنى من كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى:25]، ويحتمل أن يُضَمِّن الغسل معنى الإزالة، وفي رواية ابن عساكر: <باب غسل المرأة الدم عن وجه أبيها>.
          ووجه المناسبة بين البابين اشتمال كل منهما على حكم شرعي، أما الأول ففيه أن استعمال النبيذ لا يجوز.
          وأما الثاني: ففيه أن ترك النجاسة على البدن لا تجوز، فهما متساويان في عدم الجواز، وهذا المقدار كافٍ في المناسبة بينهما.
          وأما وجه إدخال هذا الباب فهو أنه إن كانت النسخة كتاب الطهارة بدل كتاب الوضوء فلا خفاء فيه، وإن كانت كتاب الوضوء فالمراد منه إما معناه اللغوي فالأمر حينئذ ظاهر، إذ هو مأخوذ من الوضاءة وهي الحسن والنظافة فيتناوله حينئذ رفع الخبث أيضاً، وإما معناه الاصطلاحي فيكون ذكر الطهارة عن الخبث في هذا الكتاب بالتبعية لطهارة الحدث، والمناسبة بينهما كونهما من شرائط الصلاة ومن باب النظافة.
          (وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ) رُفَيع الرياحي، وقد تقدم عن قريب [خ¦3/4-110] ذكره البخاري تعليقاً في باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر. (امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي، فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ) وهذا التعليق وصله عبد الرزاق، عن معمر، عن عاصم بن سليمان قال: دخلنا على أبي العالية وهو وَجِع فوضَّؤوه، فلما بقيت إحدى رجليه قال: امسحوا على هذه فإنها مريضة وكانت بها حُمْرَة.
          وقال الحافظ العسقلاني: وزاد ابن أبي شيبة: ((إنها كانت معصوبة)).
          وقال محمود العيني: ليس رواية ابن أبي شيبة هكذا، وإنما المذكور في ((مصنفه)): حدثنا أبو معاوية، عن عاصم وداود، عن أبي العالية: أنه اشتكى رجله فعصبها وتوضأ ومسح عليها، وهذا غير الذي ذكره البخاري ☼ .
          ومطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث إنها متضمنة لجواز الاستعانة في الوضوء وإزالة النجاسة، والترجمة معقودة لبيان ذلك.