نجاح القاري لصحيح البخاري

باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين

          ░30▒ (باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ) حال كونهما (فِي النَّعْلَيْنِ).
          ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنَّ ظاهر قوله: «ويتوضأ فيها» أنه كان ◙ يغسل رجليه وهما في نعليه ؛ لأن قوله: فيها ؛ أي: في النعال ظرف لقوله: «يتوضأ» حيث قال فيها، ولو أريد المسح لقال عليها (وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ) أي: لا يكتفي بالمسح عليهما كما في الخفين، وأشار بذلك إلى نفي ما روي عن عليٍّ وغيره من الصحابة ♥ أنهم مسحوا على نعالهم ثمَّ صلوا، وروي في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود من حديث المغيرة بن شُعْبة في الوضوء، لكن ضعَّفه عبد الرحمن بن مَهدي وغيره، وروي عن ابن عمر ☻ أنه «كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح ظُهور نَعليه بيديه ويقول: كان رسول الله صلعم يصنع هكذا»، أخرجه الطحاوي والبزَّار.
          وروي في حديث رواه علي بن يحيى بن خَلَّاد عن أبيه، عن عمه رِفَاعَة بن رَافِع: أنَّه كان جالساً عند النبي صلعم وفيه: «ومسح برأسه ورِجليه»، أخرجه الطَّحاوي، والطَّبراني في ((الكبير))، والجواب عن حديث ابن عمر ☻ أنه كان في وضوء متطوع به لا في وضوء واجب عليه، وعن حديث رفاعة أن المراد به أنه مسح برأسه وخفيه.
          واستدل الطحاوي على عدم الإجزاء بالإجماع على أن الخفين إذا تخرَّقا حتى تبدو القدمان لا يُجزئ المسح عليهما، قال: فكذلك النعلان ؛ لأنهما لا تُغيِّبان القدمين. انتهى.
          وقال الحافظ العسقلاني: وهو استدلال صحيح، لكنَّه منَازعٌ في نقل الإجماع المذكور.
          وقال محمود العيني: بل غير منازع فيه ؛ لأن مذهب الجمهور أن مخالفة الأقل لا تضر الإجماع، ولا يشترط فيه عدد التواتر عند الجمهور، وروى الطحاوي: حدثنا فهد، قال: حدَّثنا محمد بن سعيد، قال: حدَّثنا عبد السلام عن عبد الملك، قال: قلت لعطاء: أَبَلَغَك عن أحد أصحاب رسول الله صلعم أنه مسح على القدمين قال: لا، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة.