نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب

          ░37▒ (بابٌ) بالتنوين (لِيُبَلِّغِ) هو أمر الغائب من التبليغ (الْعِلْمَ) بالنصب على أنه مفعوله الثاني، وإن تقدم في الذكر، وفي نسخة: إسقاطه، ويجوز في غين <ليبلغ> _الكسر والفتح_ (الشَّاهِدُ) بالرفع فاعل «ليبلغ» (الْغَائِبَ) بالنصب على أنه مفعوله الأول، وإن تأخر في الذكر.
          ووجه المناسبة بين البابين: أن المذكور في الباب السابق مراجعة / المتعلم، فكأنَّ المراجع كان كالغائب عند سماعه حتى لم يفهم ما سمعه وراجع فيه، وفي هذا الباب: تبليغ الشاهد الغائب فتناسبا.
          (قَالَهُ) أي: رواه (ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) لكن بحذف العلم لفظاً، وهو ☺ أبرز أحد المفعولين الذي هو مقدَّر في الحديث، فلا حاجة إلى أن يقال: إنه رواه بالمعنى، وهذا تعليق من البخاري ☼ ، ذكره تقوية للحديث الذي في الباب، واستشهاداً له ومثله يسمَّى: معضلاً.
          وقد أسنده المؤلف في كتاب «الحج» في باب «الخطبة أيام منى» [خ¦1739]: عن علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن فُضيل بن غزوان، عن عكرمة، عن ابن عباس ☻ : أن رسول الله صلعم خطب الناس يوم النحر فقال: ((أيها الناس أيُّ يوم هذا؟)) قالوا: يوم حرام، وفي آخره: ((اللهم هل بلغت)) قال ابن عباس ☻ : فوالذي نفسي بيده إنها لوصية لأمته، فليبلِّغِ الشاهد الغائب، وذكر الحديث.
          وقال أبو داود: حدَّثنا زهير بن حرب، وعثمان بن أبي شيبة: حدَّثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ☻ : قال رسول الله صلعم : ((تسمَّعون، ويسمع منكم، ويسمع ممن يسمع منكم)).