إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث عمرة الحديبية

          4180- 4181- 4182- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِسْحَاقُ) بنُ رَاهُوْيَه (قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ) بنُ إبراهيمَ بن سعد ابن إبراهيمَ بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ) محمد ابن عبد اللهِ بن مسلمٍ (عَنْ عَمِّهِ) محمد بن مسلم ابن شهابٍ، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالتَّوحيد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بنِ العوَّام (أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صلعم فِي عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللهِ صلعم سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو) بضم السين وفتح عين «عَمرو» (يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ) الصلح في (المُدَّةِ) المعيَّنة (وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ(1): لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ) رجلٌ أو أنثى (وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَأَبَى) أي: امتنعَ(2) (سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صلعم إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا) بتشديد الميم مفتوحة وفتح العين وضم الضاد المعجمة، وأصله: انمعضوا، فقُلِبَت النون ميمًا وأدغمت في الميم، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”وامْتَعضوا“ بسكون الميم مخففة وبعدها فوقية مفتوحة، أي: شقَّ عليهم، وللأَصيليِّ وابن عساكرٍ ”وامتعظوا“ كذلك لكن بالظاء المعجمة المشالة، ولهما أيضًا: ”اتَّعظوا“ كذلك لكن بالفوقية المشددة بدل الميم ووجه له(3)، والأُولى هي الأوجه (فَتَكَلَّمُوا فِيهِ) فقالوا: سبحانَ اللهِ! كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مُسلمًا؟ (فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صلعم إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) عليه (فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلعم أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو) وكان قد جاء يرسُف في قيودِه، وقد خرجَ من أسفل مكَّة حتَّى رمى بنفسه بين أظهُر المسلمينَ (وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللهِ صلعم أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ) حال كونهنَّ (مُهَاجِرَاتٍ) في أثناء مدة الصُّلح (فَكَانَتْ) ولأبي ذرٍّ ”وكانت“ (أُمُّ كُلْثُومٍ) بضم الكاف والمثلثة بينهما لام ساكنة (بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ‼ وَهْيَ عَاتِقٌ) بالمثناة الفوقية، أي: شابَّةٌ أو أشرفَت على البُلوغِ (فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلعم أَنْ يَرْجِعَهَا) بفتح التحتية (إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي المُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ) من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}[الممتحنة:10] أي: لا ترُدُّوهنَّ إلى أزواجهنَّ المشركين، فنقَضَ العهدَ بينه وبين المشركين في النِّساء خاصَّةً.
          (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) محمد بن مسلمٍ، بالإسناد السَّابق: (وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ ♦ زَوْجَ النَّبِيِّ صلعم ) سقط قولُه: «زوجَ النَّبيِّ...» إلى آخره لأبي ذرٍّ (قَالَتْ) ولأبي ذرٍّ ”أَخْبرته“: (إنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}[الممتحنة:12]) وسقط لفظ «{يُبَايِعْنَكَ}» في نسخة، ولأبوي ذرٍّ والوقتِ وابنِ عساكرٍ ”{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}“[الممتحنة:10] بدل: «{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ}» الآية السَّابقة.
          (وَعَنْ عَمِّهِ) عطفٌ على قوله: «حدَّثني ابن أخي ابنِ شهابٍ، عن عمِّه»، وهو موصولٌ بالإسناد السَّابق (قَالَ: بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلعم أَنْ يَرُدَّ إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ) وثبتَ(4) لفظ «على» لأبي ذرٍّ (وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ...) فَذَكَرَهُ، أي: الحديثَ (بِطُولِهِ) كما هو مذكورٌ آخر «كتاب الصلح» [خ¦2733].


[1] قوله: «الصلح في... أنه قال»: ليس في (ص).
[2] في (ص): «وامتنع».
[3] في (ص) و(د): «ولا وجه لهذا».
[4] في (د): «وسقط».