إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنا مع النبي أربع عشرة مائةً والحديبية بئر فنزحناها

          4150- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى) بضم العين، العَبسيُّ (عَنْ إِسْرَائِيلَ) بن يونسَ (عَنْ) جدِّه (أَبِي إِسْحَاقَ) عَمرو بن عبدِ الله السَّبيعيِّ (عَنِ البَرَاءِ) بن عازبٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الفَتْحَ) في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}[الفتح:1] (فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ) العظيمَ(1) (بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ) لأنَّها كانت(2) مبدأ الفتح العظيمِ المبينِ؛ لما ترتَّب على الصُّلح الَّذي وقع من الأمنِ ورفع(3) الحربِ، وتمكّن من كان يخشى الدُّخولَ في الإسلامِ والوصولَ إلى المدينةِ، كما وقع لخالد بن الوليدِ وعَمرو بن العاصِ وغيرهما، وتتابعت الأسبابُ إلى أن كمُلَ الفتحُ (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ) ولأبي ذرٍّ ”مع رسولِ الله“ ( صلعم أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً) بسكون الشين المعجمة، لم يقُل: ألفًا وأربع مئة؛ إشعارًا(4) بأنَّهم كانوا منقسمينَ إلى المئة، وكانت كلُّ مئةٍ ممتازةً عن الأخرى (وَالحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ) على مرحلةٍ من مكَّة (فَنَزَحْنَاهَا، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً) من ماءٍ (فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلعم فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا) أي: حَرفِها (ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا) الله تعالى سرًّا (ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا) أي: صبَّ‼ الماء الذي توضَّأ ومضمضَ به في البئرِ (فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ) في رواية زهيرٍ: «فدعا ثمَّ قال: دعوها غير ساعةٍ» (ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا) أي: أرجعتنَا وقد رُوينا (مَا شِئْنَا) أي: القدرَ الَّذي أردنا شُربَه (نَحْنُ وَرِكَابَنَا) إبلنا الَّتي نسيرُ عليها.


[1] في (ب) و(د): «الأعظم».
[2] في (د): «كان».
[3] في (د): «ودفع».
[4] في (د): «استشعارًا».