إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يقبض الصالحون الأول فالأول

          4156- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ ”حدَّثني“ بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) الفرَّاءُ الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا عِيسَى) بن يونسَ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ) بن أبي خالدٍ (عَنْ قَيْسٍ) هو ابنُ أبي حازمٍ: (أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا) بكسر الميم، ابنُ مالكٍ (الأَسْلَمِيَّ) الكوفيَّ (يَقُولُ وَكَانَ) مِرداس (مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ) الَّذين بايعوا النَّبيَّ صلعم بيعةَ الرُّضوانِ تحتها: (يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ) قال في «الكواكب»: أي(1): الأصلحُ فالأصلحُ. وقال في «العمدة»: «الأوَّلُ» رفع بفعلٍ محذوفٍ، أي: يذهبُ الأوَّلُ. وقوله: «فالأوَّل» عطفٌ عليه. انتهى.
          وقولُ البَرْماويِّ _كالزَّركشي_: يجوز رفعه على الصِّفة، تعقَّبه في «المصابيح»: بأنَّ عطف الصِّفات المفرَّقة مع اجتماعِ منعوتِها من خصائصِ الواو، والعاطفُ هنا الفاء، لا الواو / ، ثمَّ قال الزَّركشيُّ أيضًا: ويجوز نصبه على الحال، أي: مُتَرتِّبينَ، وجازَ _وإن كان فيه الألف واللَّام_ لأنَّ الحال ما يتخلَّص من المكرَّر، فإنَّ التَّقديرَ: ذهبوا مترتِّبينَ. قاله أبو البقاء، وهل الحالُ الأول أو الثاني أو المعنى المجموعُ منهما؟ خلافٌ، كالخلافِ في: هذا حلوٌ حامضٌ؛ لأنَّ الحال أصلها الخبر. قال البدرُ الدَّمامينيُّ: نقل قول بأن الخبر في نحو: هذا حلوٌ حامضٌ، هو الثَّاني لا الأوَّل، غريبٌ ولم أقفْ عليه، فحرِّره.
          (وَتَبْقَى) بعد ذهابِ الصَّالحين (حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ) بضم الحاء المهملة وفتح الفاء فيهما، أي: رُذَالَةٌ من النَّاس كردِيء التَّمر والشَّعيرِ، وهو مثل: الحُثَالة: بالمثلثة والفاء، قد تقع موقع الثاء، نحو: فوم وثوم (لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِمْ شَيْءٌ) أي: ليست لهم عنده تعالى منزلةً.
          وهذا الحديثُ من أفرادهِ عن الأئمةِ الخمسة، وليسَ للأسلميِّ في البُخاريِّ غيره، وقد أورده أيضًا في «الرِّقاق» مرفوعًا [خ¦6434].


[1] «أي»: ليس في (د).