إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نعم إذا رأت الماء

          3328- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ) عبد الله المخزوميِّ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) أمِّ المؤمنين ♦ : (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ) سهلةَ والدة أنس بن مالكٍ (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ) قالت ذلك اعتذارًا عن تصريحها بما تنقبض عنه النُّفوس البشريَّة، لا سيَّما بحضرته صلعم ، أي: إِنَّ الله تعالى بيَّن لنا أنَّ الحقَّ ليس ممَّا يُستحيَا(1) منه، وسؤالها هذا كان من الحقِّ (فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ الغَسْلُ) بفتح الغين في الفرع كأصله (إِذَا احْتَلَمَتْ؟) وفي «باب إذا احتلمت المرأة» من «كتاب الغسل» [خ¦282]: «إذا هي احتلمت» (قَالَ) ╕ : (نَعَمْ) يجب عليها الغسل (إِذَا رَأَتِ المَاءَ) أي: المنيَّ بعد استيقاظها من النَّوم (فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟!) بغير همزٍ ولا واوٍ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : فَبِمَا(2)) بألفٍ بعد الميم مع دخول الجارِّ، وهو قليلٌ (يُشْبِهُ الوَلَدُ) أمَّه؟
           وقال البيضاويُّ: هذا‼ استدلالٌ على أنَّ لها منيًّا كما للرَّجل منيٌّ، والولد مخلوقٌ منهما، إذ لو لم يكن لها ماءٌ وكان الولد من مائه المجرَّد لم يكن يشبهها(3)، لأنَّ الشَّبه بسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصليِّ المعيَّن المعدِّ لقبول التَّشكُّلات والكيفيَّات المعيَّنة من مبدعه تبارك وتعالى، فإن غلب ماء الرَّجل ماء المرأة وسبق نزع الولد إلى جانبه، ولعلَّه يكون ذكرًا، وإن كان بالعكس نزع الولد إلى جانبها، ولعلَّه يكون أنثى.
           ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «فبما يشبه الولد؟».
          وسبق الحديث في «الطَّهارة» [خ¦282].


[1] في (ص) و(م): «يُستَحى».
[2] في (ص): «فيما»، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[3] في (ص): «شبهها».