التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: من نوقش الحساب عذب

          ░49▒ بَابٌ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ.
          ذَكَرَ فِيْهِ أحاديثَ:
          6536- أحدُها: حَدِيْثُ عَائِشَةَ ♦: (مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ...) إِلَى آخرِه.
          وقد سلفَ فِي تفسيرِ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] [خ¦4939] بالمتابعاتِ الَّتِي ذَكَرَها البُخَاريُّ هنا.
          6538- ثانيها: حَدِيْثُ أَنَسٍ ☺، أَنَّ النَّبِيِّ صلعم كَانَ يَقُولُ: (يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ: قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ).
          تنبيهٌ: حَديثُه الآتي فِي باب صِفَةِ الجنَّة والنَّار: ((يقولُ اللهُ لِأهونِ أهلِ النَّارِ عذابًا يومَ القيامة: لو أَنَّ لكَ مَا فِي الأَرْضِ مِن شيءٍ أكنتَ تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردتُ منك أهونَ مِن هذا وأنتَ في صُلبِ آدمَ: ألَّا تُشرِكَ بي شيئًا فأَبيتَ إِلَّا أَنْ تُشرك بي)) [خ¦6557].
          6539- 6540- ثالثُها: حَدِيْثُ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: (مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّار، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)
          قَالَ الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (اتَّقُوا النَّارَ) ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ) ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلَاثًا، حَتَّى ظَنَنَّا / أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).
          الشَّرح: ذَكرَهُ بَعْدُ فِي بَابِ صِفةِ الجنَّةِ متَّصِلًا، لكنْ قَالَ: حدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو فَذكره [خ¦6563].
          المُنَاقَشَةُ الاستقصاءُ، أَي مَن استَقْصَى الحسابَ عليه عُذِّب. والتَّرجُمَانُ بفتْحِ التَّاءِ، قال ابنُ التِّين: كذا رُوِّيناه. قَالَ الجَوهَرِيُّ: تَرْجُمَانٌ، لَكَ أَنْ تضمَّ التَّاءَ بِضَمَّةِ الجيم، يُقَالُ: تَرْجَمَ كلامَهُ إِذَا فسَّره بكلامٍ آخرَ.
          وقَوْلُهُ: (فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ) قيل صَدَّ وانكمَشَ، قال الأَصْمَعِيُّ: الشِّيحُ الجادُّ والحَذِرُ أَيضًا، وقال الفرَّاء: هُوَ عَلَى مَعْنَيَينِ: المُقبلُ إليك، والمانعُ لِمَا وراءَ ظهرِه. قَالَ: وقولُه: (فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ) أَيْ أقبلَ، وقيل: معناه صَرَفَ وجهَه كالخائف أَنْ ينالَه.