التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول الله تعالى {يا أيها الناس إن وعد الله حق}

          ░8▒ بابُ قَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} إلى قوله {أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:5-6]
          جمعهُ: سُعُرٌ، قال مُجاهدٌ: {الغَرُوْرُ} [فاطر:5] الشَّيطانُ.
          6433- ثمَّ ساق حديث معاذِ بنِ عبد الرَّحمن، أنَّ ابن أبانَ أخبَرَهُ قال: (أَتَيْتُ عُثْمَانَ ☺ بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المَقَاعِدِ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رسول الله صلعم فِي هَذَا المَجْلِسِ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ هَذَا الوُضُوءِ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: لاَ تَغْتَرُّوا).
          كذا هو في الأصول: (أنَّ ابن أبانَ)، وكذا عُزي إلى رواية أبي زيدٍ.
          وفي نسخة أبي محمَّدٍ، عن أبي أحمدَ <أنَّ أبانَ أخبره> بسقوط ابنٍ، والصَّوابُ الأوَّلُ.
          وفي رواية ابن السَّكَنِ: <أنَّ حُمْرَانَ بن أبانَ أخبره قال: أتيت عُثمان>.
          قال أبو عليٍّ: والحديث محفوظٌ لحُمْرَانَ بن أبانَ، عن عُثمانَ مِن طرقٍ كثيرةٍ لا لأبانَ.
          إذا تقرَّر ذلك فقد نهى الله عبادَهُ عن الاغترار بالحياة الدُّنيا وزخرفِها الفاني وعن الاغترار بالشيطان، وبيَّن لنا _أَيْ عداوتَهُ_ لئلَّا نلتفت إلى تسويلهِ وتزيينهِ لنا الشَّهواتَ المُرْدِيةَ، وحذَّرَنا تعالى طاعتَهُ، وأخبر أنَّ أتباعه وحزبَهُ مِن أصحاب السَّعير أي: النَّار، فحقٌّ على المؤمن العاقل أن يحذَرَ ما حذَّره منه ربُّه تعالى ونبيُّهُ، وأن يكون مشفقًا خائفًا وَجِلًا إنْ وَاقعَ ذنبًا أسرع الندم عليه والتوبة منه، وعزم أن لا يعودَ لمثله، وإذا أتى حسنةً استقلَّها واستصغرَ عملَهُ ولم يُدلِ بها.
          أَلَا ترى قولَ عثمانَ ☺: (ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ...) إلى آخره؟ وهذا لا يكون من قوله ◙، ثمَّ أتبع ذلك بقوله: (لاَ تَغْتَرُّوا)، وأفهمهم عُثمانُ من ذلك أنَّ المؤمنَ ينبغي له أن لا يتَّكل على عمله، ويستشعر الحذرَ والإشفاقَ ويتجَّنبَ الاغترارَ، وقد قال غير مجاهدٍ في تفسير ({الغَرُور}): هو أن يغترَّ بالله فيعملُ المعصية ويتمنَّى المغفرةَ.