التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

          ░5▒ بَاب طَرْحِ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِن الْعِلْمِ.
          62- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنا سُلَيْمَانُ، حَدَّثنا عَبدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ عَن ابْنِ عُمَرَ عَن النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي. قَالَ عَبدُ اللهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ).
          الكلام عليه من وجوهٍ:
          أحدها: قد ذكرتُ لك طرقه في الباب الماضي فراجعه [خ¦61].
          ثانيها: في التَّعريف برواته:
          وقد سلفوا إلَّا خالد بن مخلدٍ أبو الهيثم القَطَوانيُّ _بفتح القاف والطَّاء المهملة_ البَجليُّ مولاهم الكوفيُّ، وقَطَوان موضعٌ بالكوفة. روى عن مالكٍ وغيره، وعنه البخاريُّ وروى مرَّةً عن ابن كرامة عنه.
          قال أحمد وأبو حاتمٍ: له أحاديث مناكير، وقال يحيى بن معينٍ: ما به بأسٌ، وقال أبو حاتمٍ: يُكتب حديثه، وقال ابن عديٍّ: هو مِنَ المكثرين في محدِّثي الكوفة، وهو عندي إنْ شاء الله لا بأس به، وروى مسلمٌ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه عن رجلٍ عنه، مات في المحرَّم سنة ثلاث عشرة ومائتين.
          ثالثها في فوائده: وقد سلفت في الباب قبله، وسبب استحيائه تأدُّبًا مع الأشياخ كمَا سلف [خ¦61]، فإنَّه كان أحدثهم، وقد قال صلعم: ((كبِّر كبِّر))، / ويُقال: استحْيَيت واستحَيْت بمعنى.
          و(البَوَادِي): بالياء، وفي نسخة بحذفها وهي لغةٌ، ومعنى: (فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي) أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي، فكان كلُّ إنسان يُفسِّر بنوعٍ مِنْ أنواع أشجار البوادي، وذهِلوا عن النَّخلة.
          ومعنى طرح المسائل على التَّلاميذ لِتَرسخ في القلوب وتثبت، لأنَّ ما جرى منه في المذاكرة لا يكاد يُنسى، وفيه ضرب الأمثال بالشَّجر وغيرها.