التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب فضل العلم

          ░1▒ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ لله} [المجادلة:11]. وَقَوْلِهِ ╡: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [الفتح:140].
          استفتح البخاريُّ ☼ هذا الباب بآياتٍ مِنَ القرآن العظيم تبرُّكًا.
          قال ابن مسعودٍ: مدح الله العلماء في هذه الآية، أي: يرفع الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوه درجاتٍ في دينهم، أي: وفي الآخرة إذا فعلوا ما أُمروا به.
          وقيل: يرفعهم في الثَّواب والكرامة. وقيل: في الفضل في الدُّنيا والمنزلة.
          وقيل: إنَّ المراد بالعلم في الآية الثَّانية القرآن.
          وكان كلَّما نزل شيء ازداد به ╕ علمًا، وقيل: ما أمر الله رسوله بزيادة الطَّلب في شيءٍ إلَّا في العلم، وقد طلب موسى ◙ الزِّيادة فقال: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف:66] وكان ذلك لَمَّا سُئل: ((أيُّ النَّاس أعلم؟ فقال: أنا أعلم))، فعَتب الله عليه إذ لم يردَّ العلم إليه.
          وجاء في كثيرٍ مِنَ الآثار أنَّ درجات العلماء تتلو درجات الأنبياء ودرجات أصحابهم، فالعلماء ورثة الأنبياء وإنَّما ورِثوا العلم وبيَّنوه للأمَّة وذبُّوا عنه وحموه مِنْ تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين.
          وقال زيد بن أسلم في قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام:83] قال: بالعلم.
          وجاء في فضل العلم وآدابه أحاديث صحيحةٌ منتشرةٌ وآثار مشهورة منها: قوله صلعم: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بهِ خَيرًا يُفَقِّههُ في الدِّيْن))، وسيأتي حيث ذكره البخاريُّ قريبًا [خ¦71]، فإنَّه ذكرها مفرَّقةً فيما سيأتي، وقد أفرده العلماء بالتَّصنيف كالحافظ أبي بكرٍ / الخطيب وغيره، فلا نطوِّل به.