نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر

          3456- (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو: سعيد بن محمَّد بن الحكم بن أبي مريم المصري، قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبالنون، محمَّد بن مطرف، وقد مرَّ في الصَّلاة [خ¦662] (في الأذان)، قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعد بن مالك (الْخُدْرِيِّ ☺: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: لَتَتَّبِعُنَّ) بضم العين وتشديد النون.
          (سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ) بفتح السين المهملة؛ أي: طريق من قبلكم؛ أي: الذين كانوا قبلكم، والسَّنن، بالفتح: السَّبيل والمنهاج، وقال الكرماني: ويروى بالضم (شِبْراً بِشِبْرٍ) نُصِبَ بنزع الخافض تقديره: لتتَّبِعُن سَنَنَ من قَبْلَكم اتباع شبر ملتبس بشبر (وَذِرْعاً بِذِرَاعٍ) هو كقوله: ((شبراً بشبر))، وهذا كناية عن شدَّة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا في الكفر، وكذلك قوله: (حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ) الجُحْر، بضم الجيم وسكون / الحاء المهملة، والضَّبُّ، بفتح المعجمة وتشديد الموحدة: دويبة معروفة يأكلها الأعراب، والأنثى ضبة، وتقول العرب: هو قاضي الطَّير والبهائم، يقولون: اجتمعت إليه أوَّل ما خلق الله الإنسان فوصفته له فقال الضَّب: تصفين خلقاً يُنْزِلُ من السَّماء الطَّيرَ، ويُخْرِجُ من الماءِ الحوتَ، فمن له جناح فلْيَطِرْ، ومن كان ذا مِخْلَبٍ فليحْتَفِر، ووجه التَّخصيص بجحر الضَّب شدَّة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإنَّهم لاقتفائهم آثارهم وإتباعهم طرائقهم لو دخلوا في مثل هذا الضِّيق الرديء لوافقوهم.
          (قُلْنَا) ويروى: <فقلنا> بالفاء (يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى) أي: أهم اليهود والنَّصارى (قَالَ) أي: النَّبي صلعم (فَمَنْ) أي: فمن غيرهم، وهذا استفهامٌ على وجه الإنكار؛ أي: ليس المراد غيرهم، ومطابقة الحديث للتَّرجمة من حيث إنَّ مَن قبلكم يشملُ بني إسرائيل، وقد أخرجه البخاري في الاعتصام أيضاً [خ¦7320]، وأخرجه مسلم في القدر.