-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل}
-
باب: الأرواح جنود مجندة
-
باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه}
-
باب قول الله تعالى: {إنا أرسلنا نوحًا إلى قومه}
-
باب: {وإن إلياس لمن المرسلين. إذ قال لقومه ألا تتقون}
-
باب ذكر إدريس عليه السلام
-
باب قول الله تعالى:{وإلى عاد أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا الله}
-
باب قول الله عز وجل: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر}
-
باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا}
-
باب قصة يأجوج ومأجوج
-
باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلًا}
-
باب: {يزفون}: النسلان في المشي
-
باب: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم}
-
باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد}
-
باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام
-
باب: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب} إلى قوله: {ونحن له مسلمون}
-
باب: {ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون}
-
باب: {فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون}
-
باب: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت}
-
باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
-
باب قول الله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر}
-
باب: {واذكر في الكتاب موسى}
-
باب قول الله عز وجل: {وهل أتاك حديث موسى. إذ رأى نارًا}
-
باب: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون} إلى قوله: {مسرف كذاب}
-
باب قول الله تعالى: {وهل أتاك حديث موسى}
-
باب قول الله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً وأتممناها بعشر}
-
باب طوفان من السيل
-
حديث الخضر مع موسى عليهما السلام
-
باب
-
باب: {يعكفون على أصنام لهم}
-
باب: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً}
-
باب وفاة موسى وذكره بعد
-
باب قول الله تعالى: {وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرأة فرعون}
-
باب: {إن قارون كان من قوم موسى} الآية
-
{وإلى مدين أخاهم شعيبًا}
-
باب قول الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين}
-
باب: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر}
-
باب قول الله تعالى: {وآتينا داود زبورًا}
-
باب: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود
-
باب: {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب}
-
باب قول الله تعالى: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب}
-
باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}
-
باب: {واضرب لهم مثلًا أصحاب القرية}
-
باب قول الله تعالى: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا}
-
باب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت}
-
باب: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك}
-
باب: قوله تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم}
-
باب قوله: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم}
-
باب: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}
-
باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام
-
باب ما ذكر عن بني إسرائيل
-
حديث أبرص وأعمى وأقرع في بنى إسرائيل
-
باب {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم}
-
حديث الغار
-
باب
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل}
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░34▒ (بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} [هود:84]) قال الله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} شعيب اسم عربي، قال مقاتل: ذكرهُ اللهُ في القرآن في تسعِ مواضع، وهو شعيبُ بن يَعْرب بن رَعْوِيل بن عَيْفا بن مدين بن إبراهيم ◙. وقال وهبُ بن منبِّه: شعيب بن عَيفا بن أيُّوب بن مدين، وقال الثَّعلبي: هو ابنُ يحرون بن نُوَيْب بن مدين. وقال ابنُ إسحاق: هو ابنُ ميكيل بن يشخر بن لاوي بن يعقوب. وقيل: شعيب بن نويل بن رَعْوِيل بن نُوَيب بن عَيْفا بن مدين بن إبراهيم ◙. وقيل: شعيب بن ضيفون بن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ◙ ويقال: جدته أو أمه بنت لوط، وكان ممن آمن بإبراهيم ◙ وهاجر معه ودخل دمشق.
وقوله: {وَإِلَى مَدْيَنَ}؛ أي: وإلى أهل مدين، كما سيجيءُ، وكانوا قوماً عرباً يقطعون الطَّريق ويخيفون المارَّة ويبخسونَ المكاييل والموازين، وكانوا مكَّاسين لا يدعون / شيئاً إلَّا مكسوه، وروي أنَّهم كانوا إذا دخل الغريب بلدهم أخذوا دراهمه الجياد، وقالوا: هي زيوفٌ فقطعوها قطاعاً، ثمَّ أخذوها بنقصان ظاهر أو أعطوه بدلها زيوفاً، وأرسله الله إليهم.
{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} أي: وحِّدوه، وقد قصَّ الله قصَّته في القرآن، وقال علماء السِّير: أقام شعيب مدَّة بعد هلاك قومهِ ووصل إليه موسى وزوَّجه بنته. وقال ابنُ الجوزي: ثم خرجَ إلى مكَّة فمات بها وعمره مئة وأربعون سنة، ودُفِنَ في المسجدِ الحرام حيال الحَجَر الأسود، وقال سبطه: وعند طبرية بالساحل قريةٌ يقال لها: حِطين، فيها قبر يقال: إنَّه قبر شعيب ◙.
وقال أبو المفاخر إبراهيم بن جبريل في «تاريخه» إنَّ شعيباً كان عُمره ستمائة سنة وخمسين سنة، وروى ابن حبَّان في حديث أبي ذرٍّ الطَّويل: أربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ومحمد، فعلى هذا، هو من العَرَب العَارِبة، وقيل: إنَّه من بني عنزة بن أسد، ففي حديث سلمة بن سعيد أنَّه قدم على النَّبي صلعم فانتسبَ إلى عنزة، فقال: «نِعْمَ الحيُّ عَنَزَة مَبْغِيُّ عليهم مَنْصُورونٌ رَهْطُ شعيبٍ وأَخْتَانُ موسى ◙»، أخرجه الطَّبري، وفي إسنادهِ مجاهيل.
(إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82]: وَاسْأَلِ الْعِيرَ؛ يَعْنِي: أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ) وهو قولُ أبي عبيدة، قاله في تفسير سورة هود، وأشارَ بهذا إلى أنَّ معنى قوله: {وَإِلَى مِدْيَنَ} وإلى أهل مدين؛ لأنَّ مدين بلد، وهي مدينة شعيب ◙، على بحر القلزم، محاذية لتبوك على نحو ستِّ مراحل منها، وبها البئر التي استسقى منها موسى ◙ لسائمةِ شعيب ◙، وهي الآن خرابٌ، وأشار بقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} إلى أنَّ نظير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ} وهو قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} في أنَّ المضاف فيهما محذوفٌ، وهو لفظُ أهل، وكذلك قوله: واسأل العير؛ أي: أهل العير (1) ؛ لأنَّ القرية والعير لا يَصِحُّ السؤالُ منهما.
({وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود:92] لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، يُقَالُ: إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ: ظَهَرَتْ حَاجَتِي، وَجَعَلَتْنِي ظِهْرِيّاً) أشار إلى ما في قوله تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} / وفسَّره بقوله: لم تلتفتوا إليه، ويقال: إذا لم يقض... إلى آخره، يعني: إذا لم تقض حاجةَ من سألك بها يقول: ظهَرتْ حاجتي، بفتح الهاء، وجعلتني ظهرياً، وهو منسوبٌ إلى الظهر، وكسر الظاء من تغييرات النَّسب، كما تقول في أمس: إمسي، بكسر الهمزة.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} أي: ألقيتُموه خلفَ ظُهوركم فلم تلتفتوا إليه، وتقول للَّذي لا يقضِي حاجتَك ولا يلتفت إليها: ظهرتْ حاجتي، وجعلتها ظهريَّة؛ أي: خلفَ ظهرك، قال الشاعر:
وَجَدْنَا بَنِي الْبَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ
أي: من الذين يظهرون بهم ولا يلتفتون إليهم.
(قَالَ) الظَّاهر أنَّ القائل هو البخاري: (وَالظِّهْرِيُّ: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ) أشار به إلى أن الظِّهْريَّ بصورة النِّسبة يقال أيضا لمن يأخذ معه دابةً أو وعاءً يستظهر به؛ أي: يتقوَّى به.
(مَكَانَتُهُمْ وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ) هكذا وقع، وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّ في قصَّة شعيب هكذا: {ويا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُم} [هود:93] بمعنى مَكانكم، وأمَّا مَكانتهم ففي سورة يس، وهو قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [يس:67] وإنما وقعَ هكذا؛ لأنَّه قول أبي عبيدة في تفسير سورة يس في قوله: {عَلَى مَكَانَتِهِمْ} قال: المكان والمكانةُ واحدٌ كالمقامة والمقام، لكن الظَّاهر أنَّ هذا التَّفسير لا يتعيَّن في قصَّة شعيب؛ فإن معناه في سورة يس: لمسخناهم على مكانهم بحيث يجمدون في ذلك المكان. وأمَّا ما في قصَّة شعيب فمعنى قوله: {عَلَى مَكانتكم} على غاية تمكنكم واستطاعتكُم، يقال: مكن مكانة: إذا تمكن أبلغ التَّمكن، أو على ناحيتكُم وجهتكُم التي أنتم عليها من قولهم: مكان ومكانة، كمقام ومقامة، فليُتَأَمَّل.
({يَغْنَوْا} يَعِيشُوا) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف:92] وفسَّره بقوله: يعيشوا ولما ذكر {يَغْنَوْا} بدون: {لَمْ} ذكر تفسيره أيضاً بدونه.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي: لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها؛ أي: ولم يقيموا فيها، قال: والمغنى: الدار، والجمع: مغاني، بالغين المعجمة.
({تَأْسَ}: تَحْزَنْ) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة:26] / وفسَّره بقوله: {تَحْزَنْ} [الحجر:88] ولم يذكر لفظ: لا، فيهما، وذكره البخاري استطراداً لقوله: ({آسَى} أَحْزَنُ) وهو إشارةٌ إلى قوله تعالى حكاية عن شعيب ◙: {فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف:93] أي: كيف أحزن وأتندَّم وأتوجَّع، وإلَّا فلا تعلُّق لقوله: {تَأْسَ} بقصه شعيب ◙.
(وَقَالَ الْحَسَنُ) أي: البصري ({إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيْدُ} [هود:87] يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ) وصله ابنُ أبي حاتم من طريق أبي المليح، عن الحسن البصري، وأراد الحسن أنَّهم قالوا له ذلك على سبيلِ الاستعارة التَّهكُّميَّة، ومُرادهم عكسَ ذلك، إذ غرضُهم: أنت السَّفيه الغويُّ لا الحليمُ الرشيد. وقوله: ((به)) أي: بشعيب ◙.
(وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْكَةُ: الأَيْكَةُ) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:176] وأشار به إلى أنَّ لَيْكَة على وزن لَيْلَة هو نفس الأيكة، فخفف الهاء، وقد قرئ بهما في السبعة.
وقال الرشاطي: الأَيكة: كانت منازل قوم شعيب ◙ من ساحل البحر إلى مدين، وكان شَجَرُهم المُقْل، والأَيكة عند أهل اللغة: الشَّجر الملتف، وكانوا أصحابَ شَجَرٍ ملتفٍّ، ويقال: الأيكةُ: الغَيضة، ولَيْكَة: اسمُ البَلَدِ حولَها، كما قيل في مكة وبَكَّة. وقال أبو جعفر النَّحاس: ولا يُعْلَم لَيْكَة اسم بلد.
({يَوْمِ الظُّلَّةِ} إِظْلاَلُ الْعَذَابَ عَلَيْهِمْ) أشار به إلى ما في قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء:189] يروى أنهم حُبِسَ عنهم الهواءُ، وسُلِّط عليهم الحرَّ فأخَذَ بأنفاسهم، فاضطروا إلى أن خرجوا إلى البرية، فأظلتْهم سَحَابةٌ وَجَدُوا لها برداً ونسيماً، فاجتمعوا تحتها فأمطرتْ عليهم ناراً فاحترقوا. ويروى: أنَّه سلَّط الله عليهم الحرَّ سبعة أيام حتى غلت أنهارهم، وأظلَّتهم السحابة فاجتمعوا تحتها، وأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا.
واعلم أنَّه لم يذكر البخاري في قصَّة شعيب سوى هذه الآثار، وهي للكُشْمِيْهني والمُسْتملي فقط، وقد ذكر الله قصَّتَه في الأعراف وهود والشُّعراء والعنكبوت وغيرها، وقد جاء عن قتادة أنَّه أرسلَ أُمَّتين: / أصحاب مدين وأصحاب الأيكةِ، ورجَّح بأنَّه وصف في أصحاب مدين بأنَّه أخوهُم بخلاف أصحاب الأيكة، وقال في أصحاب مَدين أخذتهم الصَّيحة والرَّجفة، وفي أصحابِ الأيكة أَخَذَهم عذابُ يومِ الظُّلَّة، والجمهورُ على أنَّ أصحاب مَدين هم أصحابُ الأيكة.
وأجابوا عن ترك ذكر الأخوة في أصحاب الأيكة بأنَّهم لما كانوا يعبدون الأيكة، ووقعَ في صدرِ الكلام بأنهم أصحابُ الأيكة ناسبَ أن لا يذكر الأخوة.
وعن الثَّاني بأن المغايرة في أنواع العذاب إن كانت تقتضِي المغايرة في المعذَّبين فليكن الذين عُذِّبوا بالرَّجفة غيرَ اللَّذين عذِّبوا بالصَّيحة، والحقُّ أنهم أصابهم جميع ذلك فإنَّهم أصابهم حرٌّ شديد، فخرجوا من البيوت فأظلَّتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فرجفتْ بهم الأرض من تحتهم وأخذتهم الصَّيحة من فوقهم، وأمطرت السحابة ناراً فاحترقوا وهلكوا، والله تعالى أعلم.
[1] في هامش الأصل: والعير: القافلة، وهو اسم الإبل التي عليها الأحمال؛ لأنها تعير؛ أي: تتردد فقيل لأصحابها كقوله ◙: يا خيل الله اركبي.