إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر

          4005- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزةَ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمدِ بن مسلمِ ابن شهابٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفرادِ (سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ / سَمِعَ) أباه (عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ☻ يُحَدِّثُ أَنَّ) أباه (عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ) ☺ (حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ) بفتح الهمزة وتشديد التَّحتية المفتوحة (مِنْ) زوجها (خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ) بضم الخاء المعجمة وفتح النون وبعد التَّحتية الساكنة سين مهملة، و«حُذَافَة» بالحاء المهملة المضمومة والذال المعجمة والفاء، ابن قيسِ بنِ عديِّ بنِ سعدِ بنِ سهمِ بنِ عَمرو القُرشيِّ (السَّهْمِيِّ) بالسين المهملة، أي: صارت لا زوجَ لها بموته (وَكَانَ) خُنيس (مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلعم ، قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّي بِالمَدِينَةِ) من جراحةٍ أصابتْهُ في وقعةِ أحدٍ. قاله في «الإصابة»، وقيل: بل بعد بدرٍ. قال في «الفتح»: ولعلَّه أولى، فإنَّهم قالوا: إنَّه صلعم تزوجَهَا بعد خمسةٍ وعشرين شهرًا من الهجرةِ، وفي رواية: بعد ثلاثين شهرًا، وفي أخرى: بعدَ عشرين شهرًا، وكانت أُحد بعدَ بدرٍ بأكثرَ من ثلاثين شهرًا، وجزمَ ابنُ سعدٍ بأنَّه مات بعدَ قدومِهِ ╕ من بدرٍ، وبه جزمَ ابنُ سيِّد النَّاس.
          (قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ) له: (إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. قَالَ) عثمانُ: (سَأَنْظُرُ) أي: أتفكَّر (فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ) أي: ثمَّ لقيتُ عثمان (فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ) له: (إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ) أي: سكتَ (فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا) بفتح التَّحتية وكسر الجيم، وهو تأكيدٌ لرفعِ المجاز؛ لاحتمالِ أن يظنَّ أنَّه صمتَ زمانًا ثمَّ تكلَّم (فَكُنْتُ عَلَيْهِ) على أبي بكرٍ (أَوْجَدَ) بالجيم، أي: أشدَّ مَوجدة، أي: غضبًا (مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ) أي: لكونهِ أجابهُ أولًا ثمَّ اعتذر له ثانيًا، بخلافِ أبي بكر فإنَّه لم يجبْه بشيءٍ (فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صلعم فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ) أي: غضبتَ (عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ) فلم أعد (إِلَيْكَ) جوابًا‼ (قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ) جوابًا(1) (فِيمَا عَرَضْتَ) عليَّ (إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ(2) أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلعم ) زاد ابنُ(3) عساكرٍ ”أبدًا“ (وَلَوْ تَرَكَهَا) ╕ (لَقَبِلْتُهَا) وفيه: فضلُ كتمانِ السِّرِّ، فإذا أظهرَهُ صاحبهُ ارتفعَ الحرجُ.
          ومباحثُه تأتي إن شاء الله تعالى في «النِّكاح» [خ¦5122] والغرضُ من ذكرهِ هنا قوله: «قد شهد بدرًا»، وقد أخرجهُ في «النِّكاح»، وكذا النَّسائيُّ.


[1] «جوابًا»: ليست في (د).
[2] في (د): «ولم».
[3] في (د): «ولابن».